/> جواز استعمال الاوفاق الدليل الثالث والرابع

القائمة الرئيسية

الصفحات

اهم المواضيع

جواز استعمال الاوفاق الدليل الثالث والرابع

الاستدلال على جواز الاوفاق من الأصول العملية

الدليل الثالث


لو شــــككنا في عمـل الاوفاق والاســــتفـادة منهـا للوصــــول للغرض المطلوب، فهنـا يتســـــأل العـامي من المجتهـد مـا هو حكم الاوفـاق المشــــكوك حرمتهـا هـل هي جـائزة او محرمـة؟

فمثال لو شــــككنـا أن الاوفـاق هـل هي من الســــحر حتى نحكم بحرمتهـا او ليســــت منـه، وفرضــــنـا أنـه ال يوجـد عنـدنـا دليـل اجتهـادي يـدل على الحرمـة وعـدم الجواز، ينتهي الامر بنا في هذه الحالة إلى أصالة البراءة.








ولا يمكننـا في المقـام الحكم بالحرمة وعدم الجواز. توضــــيح ذلك:


إن مقتضـى اصـالة البراءة في شيء مشـكوك الحكم هو الجواز الا إذا لزم من ذلك الاضــرار بنفس محترمة لا يجوز الاضــرار بها فمثال لو عزم شـــخص مؤمن على فعل وكان ذلك الفعل مقدمة للواجب او في نفســـــه واجـب ومن ثم منعـه احـد الروحـانيين بـدعوى انـه تكفيـك هـذه الاوفاق من القيام بأعمالك الواجبة فهذا العمل لا يجوز.

علي سـبيل المثال انقاذ النفس من الهلاك واجب فاذا أحد مرض مرضـا فعلم انه قد يوصــله الى الموت ولكن قال له أحد الروحانيين اســتعمل هـذا الوفق و يكفيـك و كـان يعلم هـذا الروحـاني ان الوفق لا ينفعـه او يعلم انـه ليس من اهـل االختصـــــاص في العلوم الروحـانيـة ففي هـذه الصورة ال يجوز، فالمناط في الحرمة هو الاضرار.


بقي كلام حول الاوفـاق يجـب ان نلفـت النظر إليـه وهو أنـه لو جزمنـا في مورد صــدق عنوان الســحر فمثال لو رأينا الســاحر يعمل الاوفاق في ضـمن سـحره، فنحكم آنذاك بحرمة هذه الاوفاق المسـتخدمة في السـحر بلا كلام، وأما إذا شـككنا فالشـك يكون على نحوين شـك بنحو الشـبهة المفهومية وشك بنحو الشبهة المصداقية أو الموضوعية.




الشبهة المفهومية: المراد من الشــــبهة المفهومية هو الشــــك الناشــــئ عن اجمال مفهوم من مفاهيم الحكم الشــرعي، او بعبارة اخري الشــبهة المفهومية هي ما لم يوضــح أصـل المقصـود والمفهوم كالشـك في مفهوم الفسـق مثلاً هل يتحقق بارتكاب مطلق المعصــية أو بارتكاب الكبيرة فقط او الشــك فيما هو المراد من مفهوم موضـوعـاً لوجوب الصدقة أو فيمـا هو المراد من مفهوم الغنـاء الفقير الواقع متعلقاً للحرمة.



فان كان بنحو الشـبهة المفهومية: فواضـح أنه كل شـبهة مفهومية فحتما تكون هي شـبهة حكمية وليس كل شـبهة حكمية تكون شـبهة مفهومية فمثال حينما نشـك أن الاوفاق يصـدق عليه أنه سـحر أو لا فهذه شـبهة مفهومية، يعني لا نعلم أن هل عنوان السـحر واسع بنحو يشـمل الاوفاق او لا؟ فهذه شـبهة مفهومية يدور أمرها بين سـعة وضـيق مفهوم السـحر

في هذه الحالة نقول: الاوفاق ان كانت من السـحر فهي حرام، يعني إن كان مفهوم الســحر واســعا بنحو يشــمل الاوفاق في ضــمنه فيكون في هذه الصـورة اسـتخدام الاوفاق من المحرمات لأنها من السـحر، وإذا لم يكن مفهوم الســحر واســعا بحيث لا يشــمل الاوفاق فهنا تكون الاوفاق ليســت محرمة لأنها ليست من السحر فيكون حكمها مجرى للبراءة.




ولذا نقول إذا كان حكمها داخل في الشبهات المفهومية فلابد ان حكمها يكون مشـكوكاً وفي امثال هذه الحالات أصـل البراءة الذي ينفي الحكم الزائد والتحريم الزائد هو المرجع والحاكم ولا يصــح التمســك بعموم أو الاطلاق حرمة الســحر لان في العموم يقال كل ســحر حرام ولكن هنا عندنا شــك ان هل الاوفاق ينطبق عليها عنوان الســحر او لا حتى تكون الحرمة ثابتة والمفروض أنا نشـك في صـدق عنوان السـحر عليه فلا يجوز التمسك بعموم العام أو إطلاق المطلق عند إجمال المفهوم.

كما لا يجوز التمسك بالعام أو المطلق في الشبهة المصداقية لان العام يثبت حكما لا أنه يثبت موضــوع نفســه فأن الحكم لا يثبت موضــوع نفســـه، فأذن مادامت الشـــبهة مفهومية فالمجرى هو أصـــل البراءة ومختصـر الكلام هو إذا شـككنا في سـعة مفهوم السـحر وضـيقه يعني هل يشـمل اسـتخدام الاوفاق أو لا يشـملها ففي مثل هذه الحالة يكون المورد مجرى للبراءة.





الشبهة الحكمية والموضوعية: يطلق هذان الاسمان غالبا على الشكوك التي تقع مجرى للأصول العملية، ومورداً للأحكام الظاهرية، كالشك المأخوذ في موضوع الاستصحاب وأصالة البراءة والتخيير والاحتياط وقاعدة الطهارة وغيرها.



أما إذا فرض أن الشــبهة كانت موضــوعية: يعني أن المفهوم واضح ولكن نشك أن هذا المورد من هذه أو لا؟ يعني نحن نجزم بأن الســحر هو الاســتعانة بالشــياطين ولكن لا ندري في الاوفاق أنه يوجد اسـتعانة بالشـياطين أو لا؟ فهذه شـبهة موضـوعية والشـبهة الموضـوعية اتفقت الكلمة فيها على إجراء أصل البراءة.





والخلاصـــــة: أنـه في بـاب الاوفـاق إذا شــــككنـا في أن الـذي يقوم بـه الروحاني هو أنه في الحقيقة يتوســــل بروح الاعداد و هي الحروف و الملائكة الكبار المســتخرجة اســاميها من حروف الوفق، حتى يكون ليس بسـحر أو أنه يسـتعين بالشـياطين حتى يكون سـحراً، ففي مثل هذه الحالة تكون الشــــبهة موضوعية و تكون موردا لمجرى البراءة فلا يكون عمل الاوفاق حراما إذن خرجنـا بنتيجـة و هي أنـه إذا جزمنـا بـأنـه ســــحر فهو حرام لان كـل ســـحر حرام، وإذا شـــككنا بنحو الشـــبهة المفهومية أو بنحو الشـــبهة الموضوعية أنه سحر أو ال فيكون المورد مجرى للبراءة.

الدليل الرابع

حديث امير المؤمنين علي عليه السلام "انا وفق الاوفاق"

الامام علي في خطبة البيان وصـف نفسـه :"أنا وفق الاوفاق" وهـذا الحـديـث يمكن اســــتخراج جواز الاوفـاق منـه بعـد ان نقـدم لـكم مقدمات.


نبذة عن خطبة البيان

خطبة البيان هي خطبة مشـهورة تنسـب إلى الامام علي (عليه السلام) و فيها يتنبأ بالمسـتقبل و يعرف أمير المؤمنين نفسـه فيها بلغة خاصـة، بالاضـافة إلى تفســير نهاية العالم وعلامات ظهور الامام المهدي عجل الله فرجه مما اخـذ على هـذه الخطبـة انـه لم يتم ذكرهـا في كتـب الحـديـث الاصليـة والمصادر الاكثر اسـتخداماً مثل التهذيب للطوسـي او الكافي للكليني ولا حتي نهج البلاغـة الـذي كـان مؤلفـه بصـــــدد جمع خطـب الامـام علي (عليه السلام)، و لكن ذكرت في كتب اخري بعضــها مطبوعة، و بعضــها نســخ خطية.



ووفقـا لمـا مر حول مصــــدر خطبـة البيـان، فقـد رفض عـدد من علمـاء الشـيعة تخصـيص هذه الخطبة للأمام علي (عليه السلام) ولم يذكروها في كتبهم وبعضها اعتبرها موضــوعة من الغلاة والصوفية ويقســم محتوى الخطبـة إلى ثلاثـة أقســـــام عـامـة: تحميـد الله وتقـديســـــه ومن ثم بيـان الخصـائص للأمام علي (عليه السلام) بلغة خاصـة والقسـم الثالث ذكر اصـحاب والاحداث المتعلقة بقدوم الامام المهدي (عليه السلام).

تقرير الاستدلال

الامـام علي (عليه السلام) وهو بصـــــدد بيـان فضـــــائلـه و مـا اختص بـه من الخصائص الفريدة يقول "انا وفق االوفاق". والاوفاق كما هو معلوم وقد مر تعريفـه و بيـان حقيقتـه هو الاســــتعـانـة من قـدرة الحروف و الاعـداد في الكون و يكتـب حول هـذه الحروف ايضـاً توســلات بالملائكة التي تســتخرج اســاميها من الوفق. فهنا الامام علي (عليه السلام) يقول انـا وفق هـذه الاوفـاق يعني انـا اصل هـذه التوســــلات و الاسـتعانات و لولا ارادتي وانصـياع الحروف و الملائكة لي بما وهب الله للائمة من قدرة، لما عملت واثرت الاوفاق و لما نفع توســلكم بها. فعلى هذا يصـح الاسـتعانة بالاوفاق والا لما جعل الامام علي (ع) نفسـه مركزاً لها.




مناقشة سند الخطبة

قال الاغا بزرگ في الذريعة تحت عنوان خطبة البيان

خطبة البيان من الخطب المشــهورة نســبتها إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ولها نسـخ مختلفة بالزيادة والنقصـان، والاتم منها يقرب من الخمسـمائة بيت أنشـأها بالكوفة كما في بعض رواياتها أو بالبصـرة كما في أخرى، لم يذكرها الرضـي في نهج البالغة وكذا لم يذكره ابن شـهر آشـوب في المناقب في عداد خطبه المشــهورة نعم ذكر فيه من خطبه التي لا توجد في النهج خطبـة الافتخـار ولعـل المراد منهـا هـذه الخطبة فأن في أولها ما يقرب من سبعين من أوصافه وخصاله بعنوان أنا كذا أنا كذا مفتخراً بذلك.




اختلف العلمـاء في قبول خطبـة البيـان وردها فمن الذين لم يقبلوها الميرزا ابوالقاســم القمي، وهو رحمه الله شــرحها لكن قبل ان يشــرح الخطبة لم يقبل سـندها وكأن يقول لو سـلمنا جدال بصـحة سـندها معاني الخطبة قابلة للتأويل، حيث قال:

(اين خطبـه در مصــــادر حـديثي كهن مـاننـد: كتـابهـاى كلينر، شــــيخ صـدوق، شـيخ مفيد ، سـيد مرتضـى و سـيد رضـي ذكر نشـده، جز آن كه برخى از دانشــمندان شــيعي، مانند حافظ رجب برســي، در مشــارق أنوار اليقين بســــيـارى از عبـارتهـاى دو خطبـه بيـان و تطنجيـه را آوردهاند و قاضـي سـعيد قمر در شـرح حديث غمامه، خطبة البيان را آورده و گفته كه چون در ميان دانشـمندان شـيعي و غير شـيعي شـايع اســت، نيازى به ياد كردن ســند روايت ندارد (الي ان قال) در اين دو خطبه بيان و طتنجيه و مانند آنها كه در مناقب برســي ديده مرشــود ، بسـيارى از وصـفها كه شـايسـته خداوند اسـت آمده كه صـحت سـند آنها بر من روشــن نيســت (الي ان قال) و مر توان گفت كه اينها ســاخته مانند مغيرة بن سعيد و ابوالخطاب مرباشد)



ومن العلماء الذين منعوا صـحة الخطبة العلامة المجلسـي الثاني رحمه

(الله حيـث قـال في مرأة العقول: و مـا ورد من الاخبـار الدالة على ذلـك كخطبـة البيـان و أمثـالهـا فلم توجد الا في كتب الغلاة و أشباههم.



كلام السيد الرشتي على صحة سند و متن خطبة البيان

و السـيد كاظم الحسـيني الرشـتي يعتبر من المدافعين عن الخطب و من الـذين قبلوا الحـديـث و قـالوا متنـه لا يخـالف عقـائـد الشــــيعـة ورد من قـال بتضعيفها حيث قال في مقدمة كتاب شرح الخطبة التطنجية (اعلم أن العلماء في هذه الخطبة الشـريفة وأمثالها من الخطب، كخطبة البيـان وخطبـة الافتخـار وغيرهـا من الاخبـار كخبر معرفتهم بـالنورانيـة وخبر بيان مقامات المعرفة وغيرها تشعبوا على أربع شعب.



الاولى: طرحوا هذه الاخبار وأســقطوها عن نظر الاعتبار، وقالوا أنها أخبار آحاد لا تفيد علما ولا عمال. ومن قال بحجية الظن المطلق قال وإن اسـتفيد الظن بصـحة مضـمون هـذه الاخبـار الا أنـه لا يعول عليـه في مثـل هـذه المطـالـب، ومن قـال بحجيـة الخبر الواحـد قـال إن ذلـك هو الخبر الصــــحيح من العـدل الامـامي، وتلـك الاخبـار أكثرهـا ضــــعيفـة ســــيمـا الخطـب وأغلبهـا في مشـارق الانوار للشـيخ رجب البرسـي وقد حكم العلماء بغلوه، وما هذا شــــأنـه لا حجيـة فيـه مع أن هـذه الاخبـار والخطـب تخـالفهـا العقول وفيهـا رفع الإمكان عن مكانه، وإثبات الربوبية للمخلوق، واسـتلزام التفويض الذي أطبق العلماء وفاقاً للأخبار الصـــحيحة الصـــريحة المحكمة على بطلانه وتكفير القائل به، ومخالفة الكتاب الصريح.


ثم قال:

وأغلب رواة هذه الاخبار هم فثبت أن هذه الخطب ليســـت من أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولا الاخبار من أولاده المعصــومين (عليهم السلام)، وإنما هي من موضوعات الغلاة والمفوضة.



الثانية: توقفوا في تصــــديقها وتكذيبها حيث رأوه شــــيوع هذه الاخبار وتكررهـا وتواردهـا في كتـب الفرقـة المحقـة، و ورود الادعيـة الكثيرة بمضـمونها والزيارات الواردة عن أهل بيت العصـمة والطهارة (عليهم السلام)، وورود الاخبار الكثيرة بمعناها عن أخبار الثقاة أيضـــاً الا أن هنا أخباراً بظـاهرهـا تنفي هـذه المضـــــامين ويؤيـدهـا ظواهر بعض الآيات مع أن العقل يقصــر عن إدراكها ومعرفتها فالتوقف والســكوت فيها أولى لما قال (عليه السلام) : ”الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات.



الثالثة: تلقوهـا بـالقبول وشــــهـدوا على حقيتهـا لكنهم حـاولوا معرفتهـا بالعقول ولم يسـتندوا فيها إلى آل الرسـول صـلى الله عليه وعليهم بباطن دعوتهم ولســـــان أعمـالهم وإن ادعوا خالفـه بظـاهر مقـالهم، فجروا في بيان هذه الخطب مجرى الصوفية الملاحدة القائلين بوحدة الوجود.

قـال الملا محســــن في قرة العيون: ”قـال بعض العـارفين إذا تجلى الله بذاته ألحد يرى كل الذوات والصـفات والافعال متلاشـية في أشـعة ذاته وصفاته وأفعالـــه ويجد نفسه مع جميع المخلوقات كأنها مدبرة لها وهي أعضـاؤه لا يلم بواحدة منهـا شـيء الا وهو يراه ملما به، ويرى ذاته الذات الواحدة وصــفته صــفتها وفعله فعلها الســتهلاكه بالكلية في عين التوحيد ، ولما انجذبت بصــيرة الروح إلى مشــاهدة جمال الذات اســتتر نور العقـل الفـارق بين الاشياء في غلبـة نور الـذات القـديمـة، وارتفع التمييز بين القدم والحدوث لزهوق الباطل عند مجيء الحق.

ثم قال: ولعل هذا هو السر في صدور بعض الكلمات الغريبة من مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبـة البيـان وفي خطبتـه الموســــومـة بـالتطنجيـة وغيرهـا من نظـائرهمـا كقولـه (عليه السلام) "أنـا آدم الاول أنـا نوح الاول " إلى آخر ما قال من أمثال ذلك





ثم قال في القسم الرابع من العلماء في مواجهة هكذا روايات

وهم المتبعون لقــادة الــدين الائمــة الهــادين الــذين يتـأدبون بآدابهم وينهجون نهجهم، فهجم بهم العلم على حقيقـة الايمـان فـاســــتجـابـت أرواحهم لقادة العلم واســـتلانوا من أحاديثهم ما اســـتوعر على غيرهم وأنسوا بما استوحش منه المكذبون وأباه المسرفون، فانقطعوا إلى ربهم وحاولوا قراءة الالواح الافاقية والانفســية التي قد نقش الله ســبحانه فيها جميع أسراره المخزونة في ملكوته وجبروته ولاهوته.

فعرفوها بتعليم الله سـبحانه وتعالى بألسـنة أوليائه بعد ما جاهدوا في الله حق جهاده، فنظروا في العالم والكتاب والســــنة من غير معاندة ولجاج ولا قاعدة مأخوذة من غير أهل الحق (عليهم السلام) ليقبلوا مـا يوفقها ويتركوا ما يخالفها أو يؤولوا إليها ولا اســـتئناس بطائفة ليميلوا بقلوبهم ليمنعهم عن إصـــــابـة الواقع بتلون مرآة حقـائقهم بلون ذلـك الميـل، بـل نظروا إلى الكتاب والســـنة والآيات الافاقية والانفســـية بخالص الفطرة وصـــافي الطوية طالبي الحق والصـــواب من الله ســـبحانه بأهل فصـــل الخطاب (عليهم سلام الله) في المبدأ والماب، فقابلت مرايا قلوبهم عالم النور.

إلى أن قال: وهؤلاء تلقوا هـذه الخطبـة وأشــــبـاههـا من الخطـب والاخبـار بـالقبول وعرفوها وبينوها على ما فهموا من كلمات آل الرســـول (صلوات الله عليهم) كما نبين إن شاء الله في خلال الشرح




ثم قال في رد الاقوال الثالثة

وأما الطائفة الأولى: الذين طرحوا هذه الخطبة وشــــبهها من الاخبار وأســقطوها عن الاعتبار ونســبوها إلى الغالة والمفوضــة وغيرهم من الأشرار فأخطئوا جدا واستعجلوا كثيرا اما دعواهم بأنها من أخبار الاحاد فليس بصـحيح لأنها فوق الاسـتفاضـة بـل لا يبعـد تواترهـا معنى لكثرة تكررهـا و ورودهـا في الكتـب في مواضـــع عديدة والادعية المأثورة ســـيما في دعاء رجب المروي عن القائم (عليه السلام) على ما رواه الشـيخ في المصـباح، والزيارات سـيما الزيارة الرجبية والزيارة الخارجة عن الناحية المقدســـة للحجة عجل الله تعالى فرجه ”ســلام على آل يس“ وزيارات أمير المؤمنين (عليه السلام)، وشــيوع أنهم (عليهم السلام) يـداً وعين الله ولســــان الله وأذن الله، والزيـارة الجـامعـة الكبيرة، وأحاديث خلق أنوارهم قبل الخلق وأمثالها من الأمور التي لا يشـــكون ولا يختلفون في صحتها وأنها منهم.




فنشـير إلى كل ذلك إنشـاء الله على حسـب الجهد والسـعة والاقبال فيما بعد إنشــاء الله ولا حول ولا قوة الا بالله ، وكذلك هذه الخطبة الشــريفة بروايــة جابر بن عــبد الله الانصاري، وخطبة الافتخار برواية الاصبغ بن نباتة، وخطبة البيان وخطبه الاخرى أيضاً من هذا القبيل، وحديث معرفتهم بالنورانية برواية سلمان وأبي ذر رضوان الله عليهما، وحديث البيـان والمعـاني برواية جابر بن يزيد الجعفي، وحديث مقـامات المعرفة برواية جابر في كتاب أنيس الســمراء للشــيخ ســليمان الحلي، وحديث الاكوان الســتة برواية المفضــل، وحديث الرتق والفتق بروايته أيضــا، والاخبار في هذا المعنى كثيرة وربما تزيد على ألف بل ألفين.




وليت شـعري أي حكم من الاحكام التي يثبتونها عندهم عشـرة أحاديث أوعشــــرين، فاذا أمكن رد هـذه الاخبـار أمكن رد غيرهـا الـذي لم يبلغ معشــارها وكلها في كتب الشــيعة الفرقة المحقة، وفي ذلك خروج من الدين وكفر بما أتى به ســـيد المرسـلين (صلى الله عليه واله)، وطرح الاخبار الكثيرة لعدم المعرفة والبصيرة ليس من شأن المؤمنين الممتحنين ولو ســــلمنا أنها من أخبار آحاد نقول أن الخبر الواحد إذا طابق العقل الصـــحي الصـــريح وجب القول به والعمل عليه، وكذلك هذه الاخبار فأن الادلة العقلية القطعية دالة على مضـامينها ومدلولاتها، بل لا يسـتقيم التوحيـد الا بـالقول بهـا، ولعمري إن المنكرين يقرون بهـا من حيـث لا يشــــعرون كما نذكره إنشــــاء ا تعالى عند الشــــرح فوجب اعتبارها وقبولهـا، وأيضـــــا إن الخبر الواحـد إذا لم يكن لـه معـارض أقوى من الكتاب والسنة وإجماع الفرقة المحقة يجب العمل به لكونه حجة لتقرير المعصوم (عليهم السلام).





وقال: والقول بأنها من حيث الســند ضــعيفة فيه أنه ليس كلها كذلك بل فيها أخبار صــحيحة الاســانيد باصــطلاحهم، والذين حكموا عليهم بالغلو ما ثبـت عنـدنـا ذلـك ومـا وجـدنـا منهم شــــيئـا يـدل عليـه وليس الحكم بغلوهم إجمـاعيـاً حتى يحصـــــل القطع بـه، وأخبـار الخطـابيـة والشــــلمغـانيـة وأضـرابهم ليسـت معمولاً بها عندنا الا إذا كانت محفوفة بقرائن الصـدق لقولهم (عليهم السلام) ”إن لنـا أوعيـة من العلم نملأهـا علمـا لننقلهـا إليكم فخـذوهـا وصفوها تجدوها نقية صافية، وإياكم والاوعية فأنها أوعية ســــوء فنكبوها.





ثم قال: فثبـت أن هـذه الخطبـة من موالنـا علي أمير المؤمنين (عليه السلام) على القطع واليقين، إذ فيها كلمات ومقامات يقصــر مقام المخلوقين ســواه (عليه السلام) عن ذلك. وأما الطائفة الثانية فهم وإن ســــلموا في ظاهر الامر حيث أقروا بعجزهم وقصـــورهم عن إدراكها، الا أن دعوى معارضـــتها بالأخبار وظاهر الكتاب باطلة كما عرفت. وأما موافقة الجمهور فليســت شــرطا ســيما في مثل هذه الامور التي معرفتهـا حظ المؤمنين الممتحنين الـذين هم أعز من الكبريـت الاحمر، والعوام ليســـوا مخاطبين بأمثال هذه المعارف المطوية في هذه الخطبة الشريفة فيلهى عنهم ليظهر لهم الامر يـــوم القيامة يوم يقوم الناس لرب العالمين. (يشرح الخطبة التطنجية).




وأمـا الطـائفـة الثـالثـة فقـد أصــــابوا في القبول والتصــــديق وأخطئوا في التبيين والتحقيق حيـث أولوهـا على غير مرادهم (عليهم السلام)، بـل بمـا يلزم منـه المفسدة العظيمة والزندقة الكبيرة.




ثم قال: وإذ قـد عرفـت هـذه المقـدمـة عرفـت أن هـذه الخطبـة الشــــريفـة ومـا في معنـاها من الاخبـار كلهـا صـحيحـة واردة عنهم (عليهم السلام)، وبيـانهـا لمـا كـانت مشـــتملة على أســـرار وعجائب وغرائب لا يجوز بل لا يمكن الا من تفسـيرهم (عليهم السلام) وإرشـادهم وتسـديدهم وتأييدهم (عليهم السلام) فأن لهم مع كل ولي أذناً سامعة.



الى هنا انتهي كلام الســيد كاظم الرشــتي في أول كتابه المسمى بـــــــ:” شــــرح الخطبـة التطنجيـة" نقلنـاه بطولـه لان فيـه فـائـدة في تصــــحيح مضــمون خطبة البيان ويغنينا من الغور في الابحاث الرجالية المتعلقة بالخطبة.




كلام السيد التبريزي في تصحيح سند الخطبة

قال الســـيد محســـن الموســـوي التبريزي المحقق والمعلق على كتاب تفسـير المحيط الاعظم والبحر الخضـم، وهو بصـدد تصـحيح سـند خطبة البيان

قال:

ذكر خطبة البيان و الافتخارية و التطنجية و غيرها المنســوبة لموالنا علي بن أبي طالب (عليه السلام، الحافظ البرســــي في كتابه المعروف (مشـارق الانوار ص 159 إلى ص 172 (وأشـار بها أيضـا الفيض في كتابه قرة العيون في الكلمة الثالثة من المقالة السـابعة ص 409 مع بيان و تأويل منه، و أيضـا ذكرها الهمداني في كتابه القيم (بحر المعارف) مع توضيح قبل ذكرها ص 366




ألف بعض العلماء شــرحا لخطبة البيان، منها شــرح العلامة الدهدار والمســــمر (بخالصــــة الترجمان في تأويل خطبة البيان) وهو شــــرح مبســـوط ممتع و ليس بمطبوع و مخطوطه موجود في بعض المكتبات العامة و الخاصـة منها في المكتبة العامة للمدرسـة الحجتية بقم، و منها شـرح للميرزا أبي القاسـم الحسـيني المسـمر بمعالم التأويل و التبيان في شـــرح خطبة البيان، و منها للحكيم مير ســـيد شـــريف، و هو رســـالة موجزة مع متن الخطبة و ليست بمطبوعة ظاهرا و بقيت مخطوطة. على أنها خطبة معروفة أنشـــدها على ما نقل أمير المؤمنين في الكوفة أو في البصــــرة، و هي منقولـة بتفـاوت، وإنـا لم اجـدهـا في الجوامع الروائية وليس لها ســـند متصـــل بل نقلت مرســـلة، و لكن مع ذلك مضــــمونهـا متقن يمكن إثبـات فقراتهـا عقلاً ونقال وردت في بعض معـانيهـا آيات و روايـات يمكن تطبيقهـا معهـا بســــهولـة، و رأيـت لخطبـة البيان نســــخة مخطوطة في المكتبة العامة للعلامة الحجة المرعشي النجفي رضـــوان الله تعالى عليه تحت رقم 245 ،نقلها و كتبها الســـيد حسـن بن السـيد علي بن السـيد حسـن بن السـيد علي بن حسـين الحسـيني البحراني التوبلي التنكـابني، كتبهـا في يوم الاحـد 18 ذي حجـة الحرام في سنة 967 في جزيرة جرون.




وذكر لها ســندا وقال: بســم الله الرحمن الرحيم حدثنا محمد بن أحمد الانباري، قال: حدثنا الحســـن بن محمد الجرجاني قاضـــي الري، قال: حدثنا طوق بن مالك عن أبيه عن جده، عن عبد الله بن مسـعود، يرفعه إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) قـال: إنـه لمـا تولى الخلافـة بعـد الثالثـة و أقـام مـا أقـام و أتى البصــــرة، فرقى المنبر بجامعها، وخطب للناس خطبة بليغة تذهل منها العقول، و تقشعر منها الجلود.


ثم نقل الخطبة الى اخرها ثم قال:

وأمـا ذكر بعض الاحـاديـث المنقولـة عنهم (عليهم السلام) التي تنطبق على بعض فقرات الخطبتين (خطبـة البيـان، و الخطبـة الافتخـاريـة) نـأتي بهـا ذيلاً: عن محمد بن علي بن الحسـين بن بابوية القمي (الصـدوق)، بأسـناده عن أبي بصـير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "قال أمير المؤمنين في خطبته: أنـا الهـادي و أنـا المهتـدي (المهـدي)، وأنـا أبو اليتـامى و المسـاكين و زوج الارامـل، و أنـا ملجـأ كـل ضــــعيف و مـأمن كـل خـائف، وأنـا قـائـد المؤمنين إلى الجنة، و أنا حبل الله المتين وأنا العروة الوثقى و كلمة التقوى، و أنا عين الله و لسـانه الصـادق (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ الله)(الزمر56) وأنـا يـد الله المبســــوطـة على عبـاده بـالرحمـة و المغفرة، وأنـا باب حطة، من عرفني وعرف حقي فقد عرف ربه لأني وصـي نبيه في أرضـه، و حجته على خلقه، لا ينكر هذا الا راد على الله و رسـوله.


ونقله أيضــاً المفيد رضى الله عنه بأســناده عن أبي بصــير في كتابه الاختصاص:

الصــدوق بأســناده عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله قال: إن أمير المؤمنين (ع) قال: أنا علم الله، و أنا قلب الله الواعي، و لســان الله الناطق، و عين الله، و جنب الله، و أنا يد الله).



و ثم نقل احاديث كثير تتوافق مع مضــمون خطبتي البيان و الافتخارية حتي يثبت بها صحت مضمون الخطبتين فان شئت راجع:

سيد حيدر، آملي، تفسير المحيط الاعظم و بحر الخضم في تأويل كتاب الله، علق عليه: السيد محسن الموسوي التبريزي، ج1 ،ص 220 -221

تعليقات