النظرية الإشعاعية والمجالات الافتراضية
اقترحت النظرية الإشعاعية من لدن بي . كازينسكي (B. Kazhinsky) إذ افترض أن الواسطة التي تنقل التخاطر هو الإشعاع الكهرومغناطيسي وكان اكتشاف الإرسال اللاسلكي هو الذي دفعه إلى طرح هذه الفَرَضيَّة، وكذلك اكتشاف هانز بيرجر Hans Berger أنَّ أدمغتنا تولد موجات كهربائية يمكن قياسها على السطح الخارجي من فروة الرأس بواسطة الإلكتروانسيفالوجراف Electroencephalograph.
بالرغم من أنها لا تُشبه الإشعاع الكهرومغناطيسي لكن تُوجد اختلافات بين الاتصال اللاسلكي والاتصال العقلي يجب أن تُشخص فكمية الطاقة المطلوبة في الاتصال العقلي والتي ربما تأتي من التفاعل الذري في الدماغ يُمكن إهمالها ، في حين يتطلب الاتصال اللاسلكي حوالي (10) واط لنقل الطاقة عبر المسافات القصيرة، كما أن سلسلة الأعصاب ربما تمتلك نظاماً من الحساسية مختلفاً عن أي كاشف كهربائي اعتيادي، وإنَّ قُوَّة النقل في التخاطر واحدة عبر مختلف المسافات.
في حين تكون المسافة محدودة في النقل اللاسلكي، وفضلاً عن ذلك ؛ فإنَّ قُوَّة ساي لا تخضع لقانون التربيع العكسي (التناقص بازدياد المسافة) لقد أشار بي. هوفمان B. Hoffman إلى أنَّ قُوَّة ساي لا تخضع لقانون التضاؤل بازدياد المسافة إذا كانت مُجرَّد عملية معلوماتية وليست عملية طاقوية، في سبيل المثال، إنَّ الطاقة الصوتية للراديو، بالرغم من أنَّها تتناقص بشكل مناسب عبر المسافة، فإنَّ المرء يمكن أن يكتشف - بشكل واضح - المعلومات الفعلية عندما يكون طول الإشارة منخفضاً جداً، وعلاوة على ذلك؛ اكتشف ليونيد فاسيليف Leonid Vasilicv أن أقفاص فراداي المعدنية التي تحجب الأشعة الكهرومغناطيسية، من الأطوال الموجبة القصيرة والمتوسطة ، لم تُؤثر - عكسياً على قدرات ساي.
ويلتقي المرء بظاهرة التأثير النفقي أو (الانتفاق) Tunnel Effect في فيزياء الكم، وتعني أننا إذا وضعنا عائقاً ما بين جسمين يمنع بشكل طبيعي الاتصال الفيزيائي عن طريق الإشارات الكهرومغناطيسية، أو الفُوتُونات والإلكترونات، أو أنواع أخرى من الجسيمات، فلا يمكن أن نستبعد - بشكل جازم - كُل اتصال أو انتقال مُمكن للتأثيرات.
وتعني ظاهرة الانتفاق الكمي أن العوائق الفيزيائية ربما لا تمنع - دوماً - مرور الجزيئات، ويبقى الاحتمال قائماً بأن تتسلل بعض الفوتونات أو الإلكترونات خلال الحواجز الطبيعية وهذه الإمكانية قد تُتيح تفسير الاستشفاف عن طريق انتقال فُوتُونات قليلة من حدث بعيد إلى وعي المتسلّم المستعد للإدراك الاستشفافي. لكنَّ هذه الإمكانية لا تُفسر التَّخاطر والإدراك المسبق.
اقترح بعض المنظرين أن ذبذبة لإشعاع كهرومغناطيسي ذي موجة طويلة، ربما تسبب قوة ساي مادام من غير الممكن حجبها بواسطة أقفاص فراداي التقليدية لكن هذه الفرضية لا تصف أنواع ساي الأخرى مثل الاستشفاف والإدراك المسبق .
واقترح عالم النفس مايكل أي. بيرسينجر(singer) متغيراً فعالاً لنظرية الذبذبة الواطئة جداً يمكن أن يتجاوز بعض العوائق الطبيعية إنَّ الذي دفع بير سنجر إلى هذه الفرضية هو حقيقة أنَّ إشعاع الذبذبة الواطئة يتولَّد بصورة مستمرة بتأثير الاضطرابات الجيومغناطيسية، والبرق وعمليات طبيعية أُخرى والفرض هو أنَّه من الممكن أن يُنتج مرسل تخاطري - بطريقة ما ـ إشعاعاً من نوع الذبذبة الواطئة جداً، يحمل نمطاً ذهنياً من المعلومات، قد يُؤثر على متسلم حساس (Sensitive Percipient) فيجعله يعيد المعلومات ثانية.
واقترح بير سنجر أمراً بديلاً، أنه إذا اشترك شخصان في خبرة مشحونة عاطفياً أثناء مرور نمط مميز لموجات الذبذبة الواطئة جداً، ثُمَّ افترقا بعد ذلك، فمن الممكن أن تحصل لكل واحد منهما خبرة انفعالية مشابهة لخبرة الآخر أثناء مرور اضطراب مشابه من الذبذبة الواطئة جداً. وحينذاك سوف يعزوان خبرتيهما المتزامنتين إلى التّخاطر.
افترض نينيون مارشال (Ninion Marshall) أنَّ التركيبات الفيزيائية المعقدة، مثل الدماغ، ريما تعمل عن طريق نوع خاص من الرنين والذي يمكن أن يتجاوز الحدود المكانية والزمنية الاعتيادية للعالم الفيزيائي والمعنى المقصود من ذلك هو أنَّ تشابه دماغين - بوصفهما منظومتين فيزيائيتين، قد يسمح لأحدهما أنْ يُؤثر في الآخر، فثار في كُلِّ منهما المحفزات والأفكار ذاتها.
لكن مارشال لم يقترح عمليَّة أو طاقة فيزيائية، بل افترض أنظمة معقدة متشابهة سوف يتزامن الرنين فيها، وهذا يتناسب مع شدة تعقيد الأنظمة ويتناقض مع الفروقات بينها باستقلال عن الزمان والمكان ومادامت هذه الفرضية ليست مقتصرة على الأنظمة الحية فيجب أن تكون قابلة للاختبار تجريبياً ومع ذلك؛ ففي غياب التوكيد تبقى فَرَضيَّة شبه فيزيائية وهي لا تفسر جميع ظواهر ساي أيضاً، وتقتصر على التخاطر فقط.
واقترح شيشكن مجالاً أثيرياً افتراضياً، وافترض أن المعلومات تنتقل عبره بواسطة ترددات معيَّنة ولكنَّ هذا الفرض غير قابل للاختبار لا سيما وأنَّ فَرَضيَّة الأثير الطبيعي الحامل للموجات الضوئية تم تفنيده فيزيائياً عن طريقة تجربة ميكلسن ومورلي المشهورة.
طرح رول (Roll) مفهوم مجال ساي (Psi Field) الذي يُحيط بكل الأشياء، وهو مشابه للمجالات المغناطيسية والكهرومغناطيسية ويفترض رول أنَّ هذه المجالات يُمكن أن تتفاعل مع بعضها ومع المجالات الفيزيائية المعاكسة، وأنَّها يُمكن أن تُستخدم - كمصدر - ومستودع لساي ولذلك ؛ فإنَّ ظواهر ساي لا تنطوي - وفق هذه الفَرَضيَّة - على مسألة نقل الطاقة ، بل تحدث بسبب تفاعل الأشياء بما فيها الإنسان مع مجال ساي، كما تتفاعل مع المجالات الفيزيائية الأخرى.
أما هانز بيرجر (H. Berger) فقد قدم فَرَضيَّة نموذجية : افترض - لتفسير التخاطر ـ أنَّ بعض الطاقة الفيزيائية أو الكيميائية التي لها علاقة بعمليات التفكير في الدماغ تتحول إلى شكل جديد من الطاقة ؛ أطلق عليها الطاقة النفسية (أو الروحية ) (Psychic energy) تمتد هذه الطاقة مسافات كبيرة، فتؤثر في أدمغة أخرى بعيدة، إلا أنَّ هذه الطاقة غير معترف بها في الفيزياء، ولا توحي بآلية لتفسير الظواهر الأخرى؛ مثل الاستشفاف، والإدراك المسبق، والتحريك النفسي.
تعليقات
إرسال تعليق