/> علم السحر وحقيقة السحر والموقف الشرعي من السحر

القائمة الرئيسية

الصفحات

اهم المواضيع

علم السحر وحقيقة السحر والموقف الشرعي من السحر

علم السحر

ذكر أرباب اللغة أنّ السحر عمل تقرب فيه إلى الشيطان وبمعونة منه ومنه الأخذة التي تأخذ العين حتى يظنّ أنّ الأمر كما يُرى، ويعرف أيضاً بكلّ ما لطف مأخذه ودق، وأصله صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره فكأن الساحر لما رأى الباطل في صورة الحق وخيّل الشيء على غير حقيقته قد سحر الشيء عن وجهه أي صرفه .

وفي الاصطلاح الشرعي هو ما يوجب الوقوع في الفهم بالغلبة على البصر أو السمع أو غيرهما، ويُعرف بانه إظهار ما ليس بواقع في صورة الواقع لحواس الناس وأنظارهم.

والسحر بالمعنى العلمي هو ضرب من التأثير النفسي المشوب بالفتنة وإظهار ما ليس بواقع بصورة الواقع المعبر عنه بالقرآن الكريم بالتخييل والخداع، قال تعالى: ﴿ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهم أنها تسعى) ، وقال تعالى :(وسَحَرُوا أَعْيْن النَّاسِ وَاسْتَرَهَبُوهُمْ)  فإن الإرهاب المقارن مع التخييل والخداع له الأثر النفسي في الإنسان. 





حقيقة السحر

وردة كلمة السحر في القران بما يقارب الستين موضعاً وورد في قصص النبي موسى علية السلام وفرعون، وبعد تدبرنا لتلك المواضع نجد أن الله سبحانه وتعالى لم يبين حقيقة السحر - على فرض أن له حقيق - كما هو الحال في سائر الحقائق العلمية في القرآن الكريم وذلك ليرجع الإنسان إلى نفسه في بحثه عنها والاجتهاد في تحصيلها، إلا أنه يمكن القول إن الذي يُفهم من تلك المواضع القرآنية أن السحر يأتي بمعنى الفتنة للناس لما فيه من تمويه وخداع.

يقول العالم الرباني السيد السبزواري (قده) في هذا الخصوص:

اختلفوا في أن للسحر حقيقة أو لا، وهذا النزاع ساقط من أصله، لأنهم إن أرادوا أن له حقيقة واقعية تكوينية بأسبابها.

الحقيقية فلا يتوهمه عاقل حتى أهل هذا الفن من السحرة، وإن أرادوا أن له واقعية خيالية ووهمية وليس من العدم المحض فهو حق ولا ريب فيه، فهذا النزاع لفظي وساقط عن الإعتبار). ومادة السحر هي مزيج من المادة والروح، المادة التي يستعملها الساحر في عملية سحره، والروح بمعنى الإعتماد على قوة خارجة عن حواسنا كالإستعانة بالجن أو بمعنى الاعتماد على الأثر النفسي في محلّ قابل ومستعد لقبول ما يصدر عن الساحر كأن يُلقي بسحره أمام الجهلة وضعاف النفوس، أما إن كان المحل غير قابل بأن كان الإنسان كاملاً غير ضعيف النفس فلا أثر لسحر الساحر عليه.

يقول العالم الرباني السبزواري (قده) في هذا الخصوص :

إن نفاذ السحر وتأثيره في النفوس الضعيفة يتوقف على قوة الساحر وثبات العزيمة، وأكاذيب يستعين بها على التأثير في وعي المسحور ووهمه يشبه ذلك بعلم التوهم - علم التنويم المغناطيسي - المبني على التأثر في وهم الأفراد ويستفيد الساحر من الأكاذيب والمفتعلات ما لا يستفيده من غيرها، وهو إنّما بلغ هذه المرتبة بفضل ما كان يعتقده الناس في السحر والسحرة من أن لهم التصرف في كل شيء، وتصدر منهم  أعمال عظيمة كإحياء الأموات أو إصابة الناس بالأمراض، فكانوا يخافون منهم كخوفهم من الله تعالى ولم تسلم في هذه الأعصار عن هذه الخرافات حتى جعلوا للساحر منزلة اجتماعية عظيمة يتوصلون بهم لإنجاح مقاصدهم، وساعد في ذلك ما يدعيه السحرة من أنهم قادرون على استحضار الأرواح فيسألونها عما يريدونه أو يأمرونها بأعمال خاصة.


أقسام السحر

أقسام السحر أو ما يصدق عليه سحراً حقيقة أو مجازاً كثيرة تذكر منها :
  • سحر أصحاب الأوهام والنفوس القوية فإن النفوس الضعيفة سرعان ما تتأثر بقوة الساحر بدليل أن الجذع الذي يتمكن الإنسان من المشي عليه لو كان موضوعاً على الأرض لا يمكنه المشي عليه لو كان كالجسر وما ذاك إلا لأن تحيل السقوط متى قوي أوجبه  أي أوجب السقوط ـ وقد اجتمعت الأطباء على نهي المرعوف عن النظر إلى الأشياء الحمر، والمصروع من النظر إلى الأشياء القوية اللمعان والدوران، وما ذلك إلا لأن النفوس خلقت مطيعة للأوهام.
  • سحر من يستعين بالأرواح الأرضية، وهو المسمى بالعزائم وتسخير الجن .
  • التخيلات الآخذة بالعيون، وتسمى بالشعبذة. د - الأعمال العجيبة التي تظهر من | الآلات المركبة على النسب الهندسية.
  • الإستعانة بخواص الأدوية والأحجار.
  •  تعليق القلب، وهو أن يدعي الساحر أنه قد عرف الإسم الأعظم، وأن الجن ينقادون له في أكثر الأمور، فإذا اتفق أن كان السامع ضعيف العقل قليل التمييز اعتقد أنه حق تعلق قلبه بذلك، ودب فيه نوع من الرعب، وحينئذ تضعف القوى الحساسة فيتمكن الساحر من أن يفعل فيه ما يريد.
  • السعي بالنميمة والتضريب من وجوه خفية لطيفة.
  •  التصرف في بعض الآيات والأدعية بقراءتها عكسياً.
  •  اللجوء إلى أعمال خاصة مناسبة للمطلوب كالتماثيل والنقوش والعقد والنفث والكتابة.
  • ذكر أسماء مجهولة المعاني أو كتابتها وهو ما يُعرف بالطلاسم.

السحر في النصوص الشرعية

ورد عن العترة الطاهرة صلوات الله عليهم ما يبين أصل السحر وأنواعه، فمن حديث للإمام الصادق حين سأله أحد  الزنادقة عن السحر: فأخبرني عن السحر ما أصله وكيف يقدر الساحر على ما يوصف من عجائبه، وما يفعل؟

قال عليه السلام إن السحر على وجوه شتى:

وجه منها بمنزلة الطب، كما أن الأطباء وضعوا لكل داء دواء، فكذلك علم السحر، احتالوا لكلّ صحة آفة، ولكل عافية عاهة، ولكل معنى حيلة.

ونوع آخر . منه خطفة وسرعة، ومخاريق وخفة.
ونوع آخر ما يأخذ أولياء الشياطين عنهم.
قال - الزنديق - فمن أين علم الشيطان السحر؟
قال عليه السلام : من حيث عرف الأطباء الطب، بعضه تجربة وبعضه علاج.

قال - الزنديق - فما تقول في الملكين هاروت وماروت؟ وما يقول الناس بأنهما يعلمان الناس السحر؟

قال عليه السلام : إنهما موضع ابتلاء وموقع فتنة، تسبيحهما : اليوم لو فعل الإنسان كذا وكذا لكان كذا وكذا، ولو يُعالج بكذا وكذا لكان كذا، أصناف السحر فيتعلمون منهما ما يخرج عنهما، فيقولان لهم إنما نحن فتنة فلا تأخذوا عنا ما يضركم ولا ينفعكم.

قال - الزنديق - أفيقدر الساحر أن يجعل الإنسان بسحره في صورة الكلب أو الحمار أو غير. ذلك؟

قال عليه السلام : هو أعجز من ذلك وأضعف من أن يغير خلق الله، إن من أبطل ما ركبه الله وصوّره وغيره فهو شريك الله في خلقه، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، لو قدر الساحر على ما وصفت لدفع عن نفسه الهرم والآفة والأمراض، ولنفى البياض عن رأسه، والفقر عن ساحته، وإن من أكبر السحر النميمة، يفرق بها بين المتاحين، ويجلب العداوة على المتصافين، ويسفك بها الدماء، ويهدم بها الدور ويكشف بها الستور، والنمام أشر من وطأ الأرض يقدم، فأقرب أقاويل السحر من الصواب أنه بمنزلة الطب، إن الساحر عالج الرجل فامتنع من مجامعة النساء، فجاء الطبيب فعالجه بغير ذلك العلاج فأبره.

الموقف الشرعي من السحر

تواترت النصوص الشرعية التي تصرح بحرمة السحر وتعلمه بل هو حرام بالضرورة عند مذهب الإمامية، وحرمة السحر تشمل تعلمه وتعليمه والتكسب منه، فعن أمير المؤمنين أنه قال : تعلم شيئاً من السحر قليلاً أو كثيراً فقد كفر، وكان آخر امن عهده بربه وحده أن يُقتل إلا أن يتوب.

وعن الإمام الصادق أنه قال : من تعلم شيئاً من السحر قليلاً أو كثيراً فقد كفر، وكان آخر عهده بربه وحده أن يُقتل إلا أن يتوب.

وعنه عن النبي في المرأة التي تعمل لزوجها ليعطف عليها :

قال رسول الله لامرأة سألته إن لي زوجاً وبه علي غلظة، وإني صنعت شيئاً لأعطفه علي؟ فقال لها رسول الله : أن لك كدرت البحار، وكدرت الطين ولعنتك الملائكة الأخبار وملائكة السماوات والأرض، فصامت المرأة نهارها وقامت ليلتها وحلقت رأسها ولبست المسوح فبلغ ذلك رسول الله ، فقال : إن ذلك لا يقبل منها.


وعنه عن أبيه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ساحر المسلمين يُقتل وساحر الكفار لا يُقتل، قيل: يا رسول الله لم لا يُقتل ساحر الكفار؟ قال: لأن الشرك أعظم من السحر، لأن السحر والشرك مقرونان.

أقول: يعني ساحر الكفار لا يُقتل لأجل سحره ويُقتل لأجل الشرك، وقول النبي : السحر والشرك مقرونان» في إيجاب القتل وذلك لا ينافي أن الشرك أعظم من السحر.

تعليقات