بعض ادلة العلماء في جواز استعمال الطلاسم
أولاً:
انها توسلات بالملائكة الموكلة بالكواكب السماويةمن العلماء الذين نقلوا هذا الامر وقبلوه هو السيد حسين البروجردي في تفسـيره المعروف بتفسـير الصـراط المسـتقيم ونذكر نبذة عن حياته حتى لا يلتبس عليك الامر حيث رأيت البعض قال ان صـاحب التفسـير هذا هو المرجع البروجردي المعاصر وليس هو.
قال الشيخ السبحاني في كتابه موسوعة طبقات الفقهاء:
البروجردي حسـين بن محمد رضـا الحسـيني البروجردي، كان فقيها إماميا، مفســرا، رجاليا، شــاعرا ولد في شــوال ســنة ثمان و ثلاثين و مائتين وألف وتتلمذ في النجف الاشــرف، فقرأ الفقه على الحســن بن جعفر كاشــف الغطاء، ومحمد حســن بن باقر النجفي صاحب جواهر الكلام، وسـافر إلى كربلاء فحضـر في أصـول الفقه على محمد حسـين بن محمـد رحيم الايوانكيفي الاصــــفهـاني الحـائري، و درس في بلـدتـه بروجرد ، فأخذ التفسير عن السيد جعفر بن أبي إسحاق إبراهيم الدارابي البروجردي، و حضر على السيد محمد شفيع بن علي أكبر الجابلقي، ومهر في غـالـب الفنون. وصنف كتبـا ورسائـل، منهـا: منظومـة في الرجال ســماها نخبة المقال مطبوعة، الصــراط المســتقيم في تفســير الكتاب الكريم لم يتم، رسالة المستطرفات في الكنى والالقاب مطبوعة مع أرجوزته الرجالية. وذكر له صـــاحب معجم رجال الفكر والادب من المؤلفات: تفســـير ســـورة الأعلى، تفســـير اية النور، تعليقات على أنوار التنزيل للبيضــــاوي، مقياس الدراية في أحكام الولاية، رســــالة الامر بالشـيء لا يقتضـي النهي عن ضـده، وتعليقات في الأصول توفي في بروجرد سنة سبع وسبعين و مائتين وألف.كلام السيد حسين البروجردي
قال الســيد حســين البروجردي في تفســيره تحت عنوان إشــارة إلى ما يسمونه برب النوعاعلم أنـه قـد ذهـب جم غفير من الحكمـاء الالهيين والعرفـاء الربـانيين كأفلاطون ومن يحذو حذوه من المتألهين وصـاحب حكمة الاشـراق والمطارحات وغيرهما، وصــدر المتألهين في كتبه، وغيرهم من أهل الاشـراق إلى أن لكل نوع من الافلاك والكواكب وبسـايط العناصـر ومركباتها ربا في عالم القدس، وهو عقل مدبر لذلك النوع، وله عناية به وتربية له، لكونه واسـطة له في إيصـال الفيوض إليه حتى يوصـله إلى كماله النوعي أو الشــخصــي، ولذلك يســمونه رب النوع، ورب الصنم، ورب الطلسم.
ثم قال
رابعهـا: أن أربـاب الطلســــمـات إذا بـالغوا في التجريـد و التفريـد و الرياضـة و الانخلاع عن الشـواغل الجسـمانية و الاتصـال بالمجردات النورانية يحصـل لهم قوة الاقتدار على تسـخير أرباب النوع فينفذ عليها أمرهم و يجري فيها مشــــيتهم و لذا ترى أو تســــمع أن بعضــــهم رفع الطاعون عن بعض البلاد و حبســـه منهم ما دام حكم الطلســـم باقيا، و بعضــهم حبس البق عن أرض معينة، و قد صــنع بعضــهم قدحا مملوآ ماء يشـرب منه العسـاكر العظام فلا ينقص منه شـيء، و بعضـهم حوضـا على باب النوبة من رخام أســـود و لا ينقص على الدهر، و جميع أهل المدينة يشـــربون منه و لا ينقص ماؤه، و إنما صـــنع لهم ذلك لبعدهم عن النيل، و قربهم من البحر المال.
والمعروف في الالسنة عن شيخنا البهائي رحمه الله أنه حبس الطاعون عن أصـفهان وســمعت عن بعض الثقات أن المير فندرســكي حبس البق عن حجرته التي كان مقيما فيها بأصـفهان، حتى أن بعض الاعاظم أراد امتحان ذلك فوضــع فيها الحلاوات من العســل وغيره فلم يقربه البق أصلاً.
و قد ذكر الفاضــــل الجلدكي في كتاب (البرهان في علم الميزان) أن من طلاســـم جلب المنافع ما في دير الزرازير بالروم، فانه صـــنع قبة هـائلـة و حولهـا محيط كبير بجـدران قـائمـة، ووضــــع على رأس القبـة زرزوراً لـه جســــم مختلط تحـت كـل من أرجلـه صــــفـة زيتونـة و هو ماســك لها بأظفاره، ثم ركبه على أعلى القبة في وقت رصــده وطالع اختـاره، فكلمـا ينقضــــي العـام، و يـأتي مثـل ذلـك اليوم الـذي كـان في نصــب هذا الطلســم تأتي الزرازير من أقطار الدنيا من غامض علم الله تعـالى بعـدد لا يحصــــر لكثرتـه، و كـل طـائر منهـا في منقـاره زيتونـة سوداء، و في رجله زيتونتان، فيلقي الثلاث زيتونات على رأس الطلسم الـذي في أعلى القبـة، فيجتمع من ذلـك الزيتون في ذلـك اليوم الواحـد في ذلك المحيط شـيء كثير فيعصـرونه زيتا، و يأكلون منه من العام- العام في تلك الاماكن التي ليس بها شـيء من شـجر الزيتون أصـلاً لقوة البرد هنالك، فليت شـــعري من أين تنقل تلك الزرازير ذلك الزيتون الذي تحمله لذلك الطلســم، و ليت شــعري ما الســبب المســخر لها والمحرك ألن تفعـل ذلـك، وليـت شــــعري هـل هن زرازير أم أرواح روحـانيـة متطورة على صــــفـاتهـا؟ وهـل ينقلون ذلـك الزيتون من محظور أو مبـاح وربمـا أقـامـت الزرازير تنقـل الزيتون إلى ذلـك اليوم من اليوم إلى مدة سبعة أيام.
ثم قال:
و بعـد ثبوت هـذه المقـدمـة لا ريـب أنـه قـد جرت عـادتـه بـأن لا يصــــل الفيض إلى الادنى الا بواســطة الاعلى، و لا إلى الماديات الا بواســطة المجردات، حسـب ما هو مشـروح في موضـعه، وأن لله تعالى ملائكة موكلة بمصــــالح العالم و أموره، أشــــرفهم أربعة موكلة على الاركان الاربعة العرشـية، و هي الخلق و الرزق و الاحياء و الاماتة، و ملائكة أخرى موكلة على الاملاك و العناصــر و الكواكب و الســحاب و الرياح و الاشــــجـار و النبـاتـات و الحيوانـات و أفراد الانســــان و ألحـاظهم و ألفـاظهم و حركتهم و ســــكونهم و فكرهم و نظرهم و قواهم و على القوى الطبيعية من الجاذبة و الدافعة و الممسـكة و الهاضـمة و المولدة و المصــورة و غيرها. ومنهم الملكان الخالقان يخلقان في الارحام ما يشـاء الله ويشـكلانه ويصـورانه ويكتبان عليه ما يشـاء الله من الرزق والحياة والعمر والشـكل والسـعادة والشـقاوة إلى غير ذلك ومنهم الملائكـة الموكلـة بقطر الامطـار وإنزالهـا وبلوغهـا إلى مواقعهـا، فانه ينزل مع كل قطرة من المطر ملك لا يصعد أبدا.
وقال:
ثم إن اســــتناد الشــــؤون الالهية و الفيوض الربانية إلى هذه الملائكة الـذين هم مســــخرة بـأمر الله تعـالى لا يقـدح في التوحيـد ، بـل لعلـه لا يتم الاليـة بعـد ملاحظـة اختلاف المراتـب وتفـاوت الـدرجـات، و بطلان الطفرة، وعموم الفيض، كما أنه لا يقدح فيه ما أشــــرنا إليه مرارا من وسـاطة نبينا وآلة المعصـومين صـلوات الله عليهم أجمعين لجميع الخلق في الفيوض التكوينية و التشـريعية، و أنه لا يصـل إلى شـيء من ذرات العالم شــــيء من الفيوض الا بحجابتهم و وســــاطتهم و بابيتهم، مع أن الفيوض كلها منه ســبحانه، بل يصح أن يقال: إنه لا مؤثر في الوجود الا الله، له الخلق و الامر تبارك الله رب العالمين.
ثم قال:
»فهؤلاء الملائكة المســخرون المدبرون بأمره المتصــرفون في صــقع التقدير بملكة التسـخير هم الذي سـماهم هؤلاء الفلاسـفة بأرباب الأنواع، فان رجع الخالف إلى مجرد التســمية فالأمر ســهل، و الا فينبغي إنكار الملائكة نظرا إلى اسـتناد تلك الافاعيل إلى قوى طبيعية غير شـاعرة، كما صـــدر عن بعض متأخري الفلاســـفة المتشـــبثين بأذيال أو ســـاخ الدهرية و الطباعية.
ما قال فخر الرازي:
ومن الذين صـرحوا بهذا الامر أيضا في كتبهم هو فخر الدين الرازي صـاحب كتاب تفسـير مفاتيح الغيب، وأشار الي هذا الامر في مواضـع عده ذكره في تفسيره.وأجاب عن حجتهم الثانية وهي: أنهم خوفوه بالأصنام بقوله تعالى: (ولا أخاف ما تشركون به) لان الخوف إنما يحصــل ممن يقدر على النفع والضـر، والاصـنام جمادات لا تقدر ولا قدرة لها على النفع والضـر، فكيف يحصـــل الخوف منها؟ فانه قيل: لا شـــك أن للطلســـمات آثارا مخصـوصـة، فلم لا يجوز أن يحصـل الخوف منها من هذه الجهة؟ قلنا: الطلســم يرجع حاصــله إلى تأثيرات الكواكب، وقد دللنا على أن قوى الكواكب على التأثيرات إنما يحصــل من خلق الله تعالى فيكون الرجاء والخوف في الحقيقة ليس الا من الله تعالى.
كلام اخر للرازي دل على انه كان يعتقـد بكون روحانيـات الكواكب هي الملائكة الموكلة بها والطلاسـم تصـدر منها، قال في الفصـل الرابع في شرح نوع آخر من أنواع السحر.
اعلم أن العقول والشــــرائع متطـابقـة على أن المتولي لتـدبير كـل نوع من أنواع حوادث هذا العالم روح سماوي على حدة، وهذه الارواح هي مسـماة في لسـان الشـرع بالملائكة. وإنما قلنا: إن الامر كذلك بحسـب أمور لأنه لمـا ثبـت بـالـدلائـل العقليـة أن مـدبر العـالم الاســــفـل هو روح العـالم الاعلى، ثم ثبـت أن المبـادئ الواحـدة لا تكون مصـــــدراً لأثار مختلفة، وجب إســــناد كل واحد من هذه الاثار إلى روح فلكي (الى ان قـال) وقولـه تعـالى في حق ســــليمـان: (علمنـا منطق الطير) قـال بعض أصــــحـابنـا: المراد اتصـــــال روحـه بروح عطـارد لان عطـارد يتعلق بالطير.
وتواترت الاخبـار على أن الموكـل بـالســــحـاب والرعـد والبرق ملـك والموكـل بالأرزاق ملـك، والموكـل بـالجبـال ملـك، والبحـار ملـك، إلى غير ذلك من الأحوال، وإذا ثبت هذا صـارت هذه المسـألة مسـألة وفاق بين الأنبياء (عليهم السلام) والحكماء رضي الله عنهم.
كلام اخر للرازي هو ما قاله في تفسيره مفاتيح الغيب حيث قال:
الســــؤال الرابع: ما الفائدة في جعل هؤلاء الملائكة موكلين علينا؟ والجواب: أن هذا الكلام غير مســتبعد، وذلك لان المنجمين اتفقوا على أن التـدبير في كـل يوم لكوكـب على حـدة وكـذا القول في كـل ليلـة، ولا شـك أن تلك الكواكب لها أرواح عندهم، فتلك التدبيرات المختلفة في الحقيقــة لتلــك الأرواح، وكــذا القول في تــدبير القمر والهيلاج وكذا على ما يقوله المنجمون.وأما أصــحاب الطلســمات فهذا الكلام مشــهور في ألســنتهم ولذلك تراهم يقولون: أخبرني الطبـاعي التـام ومرادهم بـالطبـاعي التـام أن لكـل إنســـان روحا فلكية يتولى إصـــلاح مهماته ودفع بلياته وآفاته، وإذا كـان هـذا متفقـا عليـه بين قـدمـاء الفلاســــفـة وأصــــحـاب الاحكـام فكيف يســـتبعد مجيئه من الشـــرع؟ وتمام التحقيق فيه أن الارواح البشـــرية مختلفة في جواهرها وطبائعها فبعضــها خيرة، وبعضــها شــريرة، وبعضــها معزة، وبعضــها مذلة، وبعضــها قوية القهر والســلطان، وبعضــها ضــعيفة ســخيفة. وكما أن الامر في الارواح البشــرية كذلك، فكذا القول في الارواح الفلكية، ولا شـــك أن الارواح الفلكية في كل باب وكل صــفة أقوى من الارواح البشــرية وكل طائفة من الارواح البشـرية تكون متشـاركة في طبيعة خاصـة وصـفة مخصـوصـة، لما أنها تكون في تربيـة روح من الارواح الفلكيـة مشــــاكلـة لهـا في الطبيعـة والخاصــــية، وتكون تلك الارواح البشــــرية كأنها أولاد لذلك الروح الفلكي.
ومتى كـان الامر كـذلـك كـان ذلـك الروح الفلكي معينـا لهـا على مهماتها ومرشـدا لها إلى مصـالحها وعاصـماً لها عن صـنوف الآفات، فهذا كلام ذكره محققو الفلاســفة، وإذا كان الامر كذلك علمنا أن الذي وردت به الشـــريعة أمر مقبول عند الكل، فكيف يمكن اســـتنكاره من الشريعة.
ثانياً:
ان الطلاسم معجزات الانبياء السابقةالمعجزة هو اسـم شـامل لكل ما أعطاه الله لأنبيائه للدلالة على صـدقهم أي هي ما يجريه الله على أيدي رســله وأنبيائه من أمور خارقه للســنن الكونيـة وهـذه المعـاجز قـد تكون تنتقـل للغير عن طريق التعليم فمثلاً علم الرمــل هو معجزة النبي دريس وعملــه لتلامــذتــه المعروفين بالهرامسة وهكذا الطلســـمات هي معجزات اتي بها بعض الانبياء وتعلمها بعض خواص اصــحابهم وتناقلت هذه العلوم جيلاً بعد جيل، ان قيـل انهـا معجزات فكيف بقـت الي زمـاننـا قلنـا ان القرآن معجزة نبينـا وهو باقي الي الان. عدة من العلماء الذين نقلوا لنا هذا الامر منهم.
اولا: قال ابن قتيبة الدينوري:
وأما الطلســـمات فان من الناس من يســـمي الحيل الباقية بها وذلك مجاز واســتعارة والا فالطلســمات التي ظاهرها وباطنها ســواء ولا يظهر منها وجه حيلة خافية. كما كان على منارة الاســـكندرية وكما روي أن الله تعالى بفضــله أمر نبياً من الانبياء المتقدمين أن يأخذ طيراً من نحاس أو شــبه ويجعله على رأس منارة كانت في تلك الولاية ولم يكن فيهـا شــــجر الزيتون وكـان أهلهـا محتـاجين إلى دهن الزيـت للمأدوم وغيره فاذا كان عند إدراك الزيتون بالشـامات خلق الله صـوتا في ذلك الطير فيذهب ذلك الصوت في الهواء فيجتمع إلى ذلك ألوف ألوف من أجناسه في منقار كل واحد زيتونة فيطرحها على ذلك الطير فيمتلئ حوالي المنارة من الزيتون إلى رأســــها وكان ذلك الطير غير مجوف. فلا يدعى أنها من الحيل التي يأخذها الناس لصـندوق السـاعة ونحوها ولا يســـمع لذلك الطير صـــوت الا عند إدراك الزيتون في السـنة وكان أهلها ينتفعون به طول السـنة بذلك فعندنا هي معجزات باقية للأنبياء الماضـين والاوصـياء المتقدمين صـلوات الله عليهم أجمعين ولهـذا لم تظهر طلســــمـات بعـد النبي (صلى الله عليه واله وسلم).ثانياً:نقل هذا القول الشهيد الاول
حيث بعد ان نقل تعريف السحر وعدد انواعه ثم انهي قوله بكلام عن بعض العلماء وهو اعتبار الطلســــمات علوما أنزلها الله لبعض الانبياء معجزة لهم، ثم بقيت بعد موتهم متداولـة» وقيل: الطلســــمات كانت معجزات لبعض بين الناس، قال: وقيل: الطلســــمات كانت معجزات لبعض الانبياء.
ثالثاً: يقول المسعودي
ويمكن والله أعلم أن تكون هـذه الخواص والطلســــمـات والاشــــيـاء المحـدثـة في العـالم للحركـات ممـا وصــــفنـا والـدافعـة والمـانعـة والمنفرة والجـاذبـة والفـاعلـة في الحيوان وغير ذلـك مثـل الطرد والجـذب، كـانـت دلالـة لبعض الانبيـاء في الامم الخـاليـة، جعلهـا الله كـذلـك لـذلـك النبي دلالة ومعجزة، تدل على صــــدقه وتنبئيه من غيره ليؤدي عن الله أمره ونهيـه، ومـا فيـه من الصــــالح لخلقـه في ذلـك الوقـت، ثم رفع الله ذلـك النبي، وبقيـت علومـه، ومـا أبـانـه الله عز وجـل ممـا ذكرنـا، في أيـدي النـاس، وأصــــل ذلـك أنهـا كما وصــــفنـا، إذ كـان ما ذكرنا ممكنا غير واجب ولا ممتنع في القدرة.رابعا : الشـيخ سـديد الدين الحمصـي
في الإجابة على سـؤال السـائلفان قيـل: مـا تقولون في الأبنية التي بنيـت ولم يؤت بمثلهـا كـالهرمين وإيوان كســرى ومنارة الاســكندرية والمرآة التي نصــب عليها، فانه يقـال كـان يظهر فيهـا الجيش الـذي يخرج من قسطنطينية، والمرأة الحراقة التي نصـبت فأنها كانت تحرق ما يكون منها على مائة فرسـخ، والقمر الذي أطلعه المقنع، وما تقولون في الطلســـمات؟ أ تقولون بأن هذه الأشياء معجزات أم لا؟
ثم اجاب عن كل تلك الاسئلة الى ان وصل للطلسمات وقال:
وأمـا الطلســــمـات فهي عنـد المحققين من المتكلمين معجزات بـاقيـات للأنبياء الماضــين، ولهذا لما ختمت النبوة بنبينا محمد (صلى الله عليه واله)، لم يظهر طلسم متجدد.
خامساً: نقل الســيد الرضــي في كتابه
حقايق التأويل ايضــاً هذا الكلام حول الطلاسم، حيث قال.فان قال قائل: فكيف يكون ما ذكرتموه من آيات البيت مســــتمرا إلى الان، على قول من يقول: إن ذلـك لا يكون الا في أزمـان الانبيـاء، ولا نبي في هذا الزمان؟
قيل له: إن بقاء المعجز قد يصـح في غير زمن الانبياء (عليهم السلام) فلا يمتنع كون ذلـك معجزاً لبعض الانبيـاء ثم دام واتصـــــل، كمـا نقولـه في الطلســمات وحجر المغناطيس وغير ذلك، ويفارق اتصــــال المعجز وبقاؤه اســـتينافه وابتداءه، الان الابتداء لا يصح الا في زمان الانبياء، والبقاء يصح في غير أزمان الانبياء، وهذا واض بحمد الله.
ملاحظة****
إذا ثقـل عليـك هـذا الكلام نقول لـك لا بعـد في ذلـك فقـد نقـل لنـا عن الائمة (عليهم السلام) انهم قالوا ان علم النجوم هو أشرف العلوم بعد علم القرآن وهو علم الانبياء والاوصياء وورثة الانبياء واهل البيت (عليهم السلام) يعرفون هذا العلم، ذكر الســــيـد ابن طاووس في كتـابـه فرج المهموم في تـاريخ علمـاء النجوم.الحـديـث الخـامس و العشــــرون فيمـا روي عمن قولـه حجـة في العلوم بصــحة علم النجوم نقلناه من كتاب نزهة الكرام و بســتان العوام تأليف محمد بن الحســـين الرازي و هذا الكتاب خطه بالعجمية فذكر في أواخر المجلد الثاني منه ما هذا قاله من عربه: وروي أن هارون الرشـيد أنفذ إلى موسـى بن جعفر (عليه السلام) من أحضـره فلما حضــر قال له إن الناس ينســبونكم يا بني فاطمة إلى علم النجوم و إن معرفتكم بها جيدة و فقهاء العامة يقولون إن رســــول الله (صلى الله عليه واله) قال إذا ذكر أصــحابي فاســكتوا و إذا ذكر القدر فاســكتوا و إذا ذكر النجوم فاســـكتوا و أمير المؤمنين علي كان أعلم الخلائق بعلم النجوم وأولاده و ذريتـه التي تقول الشــــيعـة بأماتهم كـانوا عارفين بهـا فقـال له الكـاظم (عليه السلام) هذا حديث ضــعيف وإســناده مطعون فيه والله تبارك و تعالى قد مـدح النجوم فلو لا أن النجوم صــــحيحـة مـا مـدحهـا الله عز و جـل و الأنبياء (عليهم السلام) كانوا عالمين بها قال الله عز وجل في إبراهيم خليله (عليه السلام(وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين) وقال في موضع اخر (فنظر نظرة في النجوم فقال اني سقيم) فلو لم يكن عالما بالنجوم ما نظر فيها و لا قال إني ســـقيم و إدريس (عليه السلام) كان أعلم أهل زمانه بالنجوم و الله عز و جل قد أقســم فيها بكتابه في قوله تعالى (فلا أقسـم بمواقع النجوم وإنه لقسـم لو تعلمون عظيم) وفي قوله بموضـع آخر (فالمدبرات أمرا) يعني بذلك اثني عشــر برجا وســبع ســيارات والـذي يظهر في الليـل و النهـار هي بـأمر الله تعـالى وبعـد علم القرآن لا يكون أشـــرف من علم النجوم و هو علم الأنبياء والاوصـــياء وورثة الأنبياء الذين قال الله تعـالى فيهم (وعلامات وبالنجم هم يهتـدون) ونحن نعرف هذا العلم و ما ننكره.
ثالثاً: كلام بعض العلماء في جوازه
يمكن الاســـتدلال على جواز الطلاســـم بقول بعض العلماء في تجويزه فمثال عن الشــيخ جعفر في شــرح القواعد بعدما تكلم في الســحر ونقل تعاريف العلماء قال:ومحصــــوله أنه عبارة عن إيجاد شــــيء تترتب عليه آثار غريبة وأحوال عجيبة بالنســبة إلى العادات بحيث تشــبه الكرامات وتوهم أنها من المعاجز المثبتة للنبوات من غير اســتناد إلى الشــرعيات بحروز أو أســـماء أو دعوات أو نحوها من المأثورات، وأما ما أخذ من الشـــرع كالعوذ والهياكل وبعض الطلسمات فليست منه بل هي بعيدة عنه.
رابعاً: الأصول العملية
يمكن إقامة الاســتدلال على جواز الطلاســم مع الاســتعانة بالأصول العملية ونقول لو شـككنا في ان الطلاسـم هل هي جائزة او محرمة، وفرضــــنـا أنـه لا يوجـد عنـدنـا دليـل اجتهـادي يـدل على الحرمـة وعـدم الجواز، ينتهي الامر بنا في هذه الحالة إلى أصــالة البراءة، ولا يمكننا في المقام الحكم بالحرمة وعدم الجواز.واشـار الي هذا الشـيخ عبد الله بن نور الدين الجزائري قائلاً:
و اما الطلســـم و هو مزج القوى العالية بالقوى الســـافلة ليحدث منها اشــــياء غريب في عالم الكون والفســــاد فما كان منها مشــــتملاً على إضــرار أو تمويه على المســلمين أو اســتهانة بشــيء من حرمات الله كالقرآن وأبعاضـــه و أســـماء الله الحســـنى و نحو ذلك فلا ريب في تحريمه ســواء عد من الســحر أم لا وما عدا ذلك لأغراض المباحة كحضــور الغائب و بقاء عمارة الدار و الضــيعة وفتح حصــن الكفار على المســلمين ونحوه فمقتضــى الاصــل جوازه ويحكر عن بعض عظماء الاصـحاب فعله وربما يسـتندون في بعضـها الى أمير المؤمنين عليه السلام وان كان في السند كلام.
واشار ايضا الشيخ مهدي كاشف الغطاء الى هذا في كتابه وهو يستدل بالعرف علي حرمت السحر قال:
ضـــرورة أن لهذا اللفظ في العرف العام معنى قطعا، فلفظه الوارد في النصوص يحمل على ذلك المعنى، وما لا يعرفه العرف العام منه يبقى على أصل الاباحة والحل.
تعليقات
إرسال تعليق