/> الجزء الاول ادلة بعض العلماء في حرمة استعمال الطلاسم والردود عليهم

القائمة الرئيسية

الصفحات

اهم المواضيع

الجزء الاول ادلة بعض العلماء في حرمة استعمال الطلاسم والردود عليهم

بعض أقوال أهل العلم

اسـتدل الشيخ الانصاري بتعريفين للسـحر قالوا أصحاب هذه التعاريف ان الطلاسم من اقســام الســحر او من ملحقات الســحر في الحرمة، و الشيخ الانصاري اعتمد على تعريف فخر المحققين و الشهيد الأول في تعريفي هما للسحر و حكم بحرمة الطلاسم.

قال (المقام الثاني في حكم الاقسام المذكورة، فنقول: أما الاقسام الاربعة المتقدمة من الايضاح ، فيكفي في حرمتها مضـافا الى شـهادة المحدث المجلسي رحمه الله في البحار بدخولها في المعنى المعروف للســـحر عند أهل الشرع. فيشملها الاطلاقات دعوى فخر المحققين في الايضاح کون حرمتها من ضروريات الدين ، وأن مسـتحلها كافر وهو ظاهر الدروس ايضا فحكم بقتل مســــتحلها فاننا وإن لم نطمئن بدعوى الاجماعات المنقولة، الا أن دعوى ضــــرورة الدين ممـا يوجب الاطمئنان بالحكم، واتفـاق العلماء عليه في جميع الاعصار) انتهی.





الاقسام الاربعة التي ذكرها فخر المحققين الحلي في كتابه

الايضاح هي كالاتي في كتابه: أقول: المراد بالسحر استحداث الخوارق بمجرد التأثيرات النفسانية أو بالاستعانة بالفلكيات فقط أو على سبيل تمزیج القوى السماوية بالقوى الارضية أو على سبيل الاستعانه بالارواح الســاذجة و قد خص أهل المعقول الاول بـاســــم الســــحر و الثـاني بـدعوة الكواكب و الثـالـث بالطلســمات و الرابع بالعزائم و كل ذلك محرم في شريعة الاسلام الاسلام ومستحله کافر.


و حاصـل كلام الشيخ الانصاري في كون السـحر، و دعوة الكواكب، و الطلسمات و العزائم حراما، يدل عليه امران:

 الاول: شـهادة المجلسي على كون هذه الاقسام الاربعه سـحرا، فتدخل في أدلة حرمة السحر.

الثاني: دعوى فخر المحققين والشهيد الاول على كون حرمة الاقسام الاربعة من ضروريات الدين.

ان قلـت: و هناك دليل ثـالـث على الحرمـة، و هو الاجماع المدعى في كلام جمع.

 لا اطمئنان بالاجماع، بعد مخالفة بعض العلماء في بعض الاقسام، فان شارح النخبة لم يعتبر الطلسمات من اقسام السحر. و شـــــارح النخبـة هو الشيخ عبـد الله بن نور الدين الجزائري حيث استشكل على تعريف الشهيد الاول قائلا) وأطلق في الدروس تحريم عمل الطلسمات إلحاقا له بالسحر ووجهه غير ظاهر
 

 واجاب الشيخ الانصاري في مكاسبه بعد ان نقل كامل عبارته قائلا

 ولا وجه أوضح من دعوى الضـرورة من فخر الدين، والشهيد قدس ســــرهما) أي انه قول الجزائري أنه ال دليل لنا على حرمة الطلاسم ليس بصحيح اذ لا دليل أوضح و أوجه على حرمة الطلاسم من ادعاء فخر المحققين والشهيد الأول الضرورة على الحرمة.

قال الشيخ الانصاري فاننا وإن لم نطمئن بـدعوى الاجماعات المنقولـة، الا أن دعوى ضـــرورة الدين مما يوجب الاطمئنان بالحكم، واتفاق العلماء عليه في جميع الاعصار نعم، ذكر شـــارح النخبة أن ما كان من الطلســـمات مشتملا على إضـرار أو تمويه على المسلمين، أو اسـتهانة بشـيء من حرمات الله كالقران وأبعاضـه وأسـماء الله الحسـنى، ونحو ذلك فهو حرام بلا ريب، ســــواء عـد من الســــحر أم لا، ومـا كان لاغراض كحضور الغائب، و بقاء العمارة، وفتح الحصــون المسلمين، و نحوه ، و ويحكى عن بعض الاصحاب فمقتضى الاصل جوازه ، وربما يستندون في بعضــها الى امير المؤمنين (عليه السلام) والســند غير واضح والحق في الـدروس تحريم عمـل الطلســــمـات بـالســــحر، ووجهـه غير واضح ، انتهى.


و لا وجه اوضح من دعوى الضـرورة من فخر الدين، و الشهيد قدس سرهما. انتهى كلام الانصاري

قال الشهيدي في شرح المكاسب

و لا وجه اوضح من دعوى الضـــرورة من فخر الدين و الشهيدين أقول نسـبة دعوى الضـرورة اليهم مع خلو كلامهم عنها إنما هي بلحاظ حكمهم بقتل مســتحله حيث إنه لا يكون الا إذا كانت حرمته من المســـلمات و الضروريات و كيف كان قد عرفت ما فيه وأنه لا يكفي في إثبات حرمة ما ذكره شارح النخبة انتهى.


قال الشيرازي في حاشيته على المكاسب

فهما وان لم يصرحا بلفظ "الضـرورة" الا ان فتواهما بقتل المسـتحل ، يلازم كونه ضروريا، اذ لا يقتل غير مرتكب ضروري التحريم- کما حقق في كتابه الحدود انتهی.
فتلخص ان الشيخ اسـتنتج انه من حيث ان صـاحب الايضاح والشهيد الاول حكموا بقتل مسـتحلة و القتل لمسـتحل الشيء لا يكون الا فيما كان من ضروريات الدين فيكون على هذا كون السـحر هو الاقسام الاربعة من الضروريات في الدين.


الجواب عن كون حرمة الطلاسم من ضروريات الدين

الجواب الاول


قلـت فيه مـا لا يخفى من الاشكال حكم القتـل في كلام الاعلام مترتب على السـاحر و يقتل من يستحل السـحر لا انهم قصـدوا ان هذه الأقسام الأربعة لا تكون الا سحرا، فتأمل
وهذا هو موضــع اشــتباه الشيخ الانصاري رفع الله مقامه حيث حمل الضــرورة على أنواع الســحر وليس على اصــل الســحر نعم يبقى انه اصـــل الســـحر ما هو وما الفرق بينه و بين هذه الأنواع نعم لو كان المدعي من أصحاب الاختصاص في العلوم الغريبة يمكن عد كلامه امارة على كون هذه الأنواع من السحر واقصد من أصحاب الاختصاص علمائنا الذين عرفوا في العلوم الغريبة مثل الشيخ البهائي وامثاله فان هؤلاء لو قالوا الطلاسم من السـحر فان كلامهم امارة قوية على ذلك لكن هؤلاء الفقهـاء الاجلاء الفطـاحـل عطر الله مراقـدهم لم يكونوا ذوي اختصاص في علم السـحر او العلوم المعروفة بالغريبة و امـا الشهيد الأول الغـالـب انـه اخـذ تعريف الســــحر من فخر المحققين استاذه فانه من اجل مشايخ الشهيد الأول.

قال المحقق المدقق الشــیخ رضــا المختاري

في مقدمته على كتاب غاية المراد (فخر المحققين محمد بن الحسـن بن يوسف ولد العالمة الحلي، ولد في ليلة الاثنين العشرين من جمادى الأولى عام 682 ،و توفي ليله الجمعة الخامس و العشرين من جمادى الاخرة عام 771 و هو "أجل مشايخه وأعظم اساتذته" و اكثر دراســـة عليه ومما قرأ عليه كتابه إيضاح الفوائد ، واجاز الشهيد عامي 751 و 756.


الجواب الثاني

هو ما قاله الشيخ الانصاري ونقض به كلام نفسـه حيث نقل كلاما اخر في حكم غير تلك الاربعة وفصــل بين ان كان العمل فيه ضرر فيكون حرام و ان لم يكن فالاحوط تركه، قال )وأما غير تلك الاربعة، فان كان ممـا يضر بالنفس المحترمة، فلا اشكال ايضا في حرمته ، ويكفي في الضـرر صـرف نفس المسـحور عن الجريان على مقتضى إرادته، فمثل إحداث حب مفرط في الشخص يعد سحرا)
ثم قال) لو صح سـند رواية الاحتجاج صـح الحكم بحرمة جميع ما تضـمنت و كذا لو عمل بشــهادة من تقدم كالفاضل المقداد و المحدث المجلسي رحمهما الله بكون جميع ما تقدم من الاقسام داخل في الســــحر اتجه الحكم بدخولها تحت اطلاقات المنع عن السحر لاكن الظاهر اســتناد شــهادتهم الى الاجتهاد ، مع معارضــته بما تقدم من الفخر من إخراج علمي الخواص والحيل من الســــحر و مـا تقـدم من تخصيص صــاحب المسالك وغيره الســحر بما يحدث ضــررا بل عرفت تخصيص العلامة له بما يؤثر في بدن المسـحور أو قلبه أو عقله فهذه شـهادة من هؤلاء على عدم عموم لفظ "السـحر" لجميع ما تقدم من الاقسام. وتقديم شـهادة الاثبات لا يجري في هذا الموضـع لان الظاهر اســــتنـاد المثبتين الى الاستعمال، والنافين الى الاطلاع علة كون الاستعمال مجازا للمناسبة).


توضيح كلام الشيخ الانصاري

قال الشيرازي في شـــرحه المزجي على كلام الشيخ الانصاري (وان قلت: ان شــهادة من يقول بانها ســحر مقدمة على شــهادة من ينفي كونها ســــحرا، لان الاثبات دائما مقدم علة النفي- کما ذكروا في باب تعارض الشهادات
قلت: (تقدم شـهادة الاثبات لا يجزي في هذا الموضـع، لان الظاهر) ان كلتا الشهادتين علم واطالع، کما لو قال احدهم: زيد فاسـق لانه شـرب الخمر في الســــاعة الفلانية، و قال الاخر بل شــــرب الماء وانما تقدم شــــهـادة الاثبات اذا كانت شــــهـادة النفي عـدم العلم، والمقـام من قبيل شهادتي العلم لـــــ (اسـتناد المثبتين) لكون الاقسام المذكورة سـحرا (الى الاستعمال) و هداية الحقيقيه واسـتناد (النافين الى الاطلاع علة كون الاستعمال مجازا للمناســـبة) بين الســـحر و بين هذه الامور ويشهد للمجازية ذكرهم الادوية المبلدة والنميمة من السحر، مع معلومية انهما ليسا من السحر بمكان الا على نحو من التأويل.


اذا عرفت هذا لا يخفى عليك ان نفس الاشكال الذي اورده على غير تلك الاربعة (مثـل النيرنجات والشعبذه) ياتي ايضا في الاربعة (الســــحر، و دعوة الكواكب، و الطلســــمات و العزائم) التي عدها من اقسام السحر و تفطن الى ذلك الشهيدي في شرحه حيث قال)قوله قدس سـره "لکن الظاهر اسـتناد شـهادتهم الى الاجتهاد" أقول ليته قدس سـره ذكر ذلك في دعوى الفخر ضـرورة الدين على حرمة ما ذكره من الاقسام الاربعة مطلقا).

اشكال الشهيدي صحصح و لذا دعوى الضـرورة من فخر المحققين لا تصح في حرمة الطلاسم هذا ولو دققت في كلام فخر المحققين رحمه الله فتجده انه في تقسيمه للسـحر اسـتند الى كلام أهل المعقول و الفلسـفة وهـذا يؤيد كلامنا انهم نقلوا مـا وجوده في بعض الكتب ولم يكونوا ذوي اختصاص في هذا الامر.قال فخر المحققين الحلي في کتابه:
(أقول: المراد بالسحر استحداث الخوارق بمجرد التأثيرات النفسانية أو بالاستعانة بالفلكيات فقط أو على سبيل تمزيج القوى السماوية بالقوى الأرضية أو على سبيل الاستعانة بالأرواح الســاذجة و قد خص أهل المعقول الأول بـاســــم الســــحر و الثـاني بـدعوة الكواكب والثـالـث بالطلســمات و الرابع بالعزائم و كل ذلك محرم في شريعة الإسلام ومستحله كافر)


الجواب عن كون الطلاسم من الأقسام الذي ذكرها المجلسي

اسـتدل الشيخ الانصاري بكلام المجلسي حيث عد الطلاسم من أنواع السـحر والسـحر كله حرام فينتج من ذلك ان الطلاسم حرام أيضا و اصـل كلام المجلسي مأخوذ عن تقسيم الفخر الرازي للسـحر. الرازي قد تعرض لأنواع الســحر و قال انها ثمانية و فســرها و شــرحها و نقل ذلك كله عنه المجلسي وافتتح كلامه قائلا


)و قال الرازي في تفســیر هذه الاية أما قوله )"واتبعوا ما تتلوو الشياطيين على ملك سليمان" ففيه مسائل المسألة الاولى) ثم نقل كلام الرازي الى ان وصــل الى تقسيم الســحر و لذا نحن ننقل الكلام من المصـدر الاصلي وهو تفسير مفاتيح الغيب للفخر الرازي.
قال الرازي
(اعلم أن الســحر على أقســام: الأول: ســحر الكلدانيين و الكسدانيين الذين كانوا في قديم الـدهر وهم قوم يعبدون الكواكب ويزعمون أنهـا هي المدبرة لهذا العالم، و منها تصـدر الخيرات و الشـرور والسـعادة والنحوســة وهم الذين بعث الله تعالى إبراهيم (ع) مبطل لمقالتهم ورادا عليهم في مـذهبهم. (الى ان قـال) فهـذا هو الكلام في النوع الأول من السحر(

وابن كثير بعد ان نقل كلام الرازي في كتابه

قال (وقد اسـتقصـى في كتاب السـر المكتوم، في مخاطبة الشـمس و النجوم المنسـوب اليه، كما ذكرها القاضـي ابن خلكان وغيره، و يقال أنه تاب منه، ووقيل بل صنفه علة وجه إظهار الفضيلة، لا على سبيل الاعتقاد ، وهـذا هو المظنون بـه الا أنـه ذكر فيه طريقهم في مخـاطبـة كل من هـذه الكواكب السبعة وكيفية ما يفعلون وما يلبسونه وما يتمسكون به)


ثم قال الرازي

النوع الثاني من السحر: سـحر أصـحاب الأوهام والنفس القوية (الى ان قـال) وتحقيقه أن النفس إذا كانت مستعليه على البـدن شديدة الانجذاب الى عالم الســــماء كانت كأنها روح من الأرواح السماوية، فكانت قوية على التأثير في مواد هذا العالم، أما إذا كانت ضعيفه شديدة التعلق بهذه اللذات البدنية فحينئذ لا يكون لها تصــرف البتة الا في هذه البدن، فاذا أراد هذا الانسان صيرورتها بحيث يتعدى تأثير من بدنها الى بدن آخر اتخذ تمثال ذلك الغير ووضــــعه عند الحس و اشــــتغل الحس بـه فيتبعه الخيال عليه وأقبلـت النفس النـاطقـة عليه فقويت التأثيرات النفسانية والتصرفات الروحانية، ولذلك أجمعت الأمم على أنـه لا بـد لمزاولـة هـذه الاعمال من انقطـاع المـألوفـات والمشتهيات وتقليل الغذاء والانقطاع عن مخالطة الخلق.


ثم قال( أن هذه النفوس الناطقة إذا صــــارت صافية عن الكدورات البدنية صـارت قابلة للأنوار الفائضـة من الارواح السماوية و النفوس الفلكية، فتقوى هـذه النفوس بـأنوار تلك الارواح، فتقوى على أمور غريبة خارقة للعادة فهذا شرح سحر أصحاب الاوهام والرقى) .


النوع الثالث من السحر: الاستعانة بالارواح الارضية ، و اعلم أن القول بالجن مما انكره بعض المتأخرين من الفلاسفه والمعتزلة، أما اكابر الفلاسفة فانهم مـا انكروا القول بـه الا أنهم ســــموهـا بالارواح الارضية و هي في أنفســها مختلفة منها خيرة و منها شريرة، فالخيرة هم مؤمنو الجن و الشريرة هم كفار الجن و وشياطينهم، ثم قال الخلف منهم: 

هـذه الارواح جواهر قـائمـة بـأنفســــهـا لا متحيزة و لا حـالـة في المتحيز وهي قادرة عالمة مدركة للجزئيات، و اتصـال النفوس الناطقة بها أسهل من اتصالها بالارواح السماوية، الا أن القوة الحاصلة للنفوس الناطقة بســـبب اتصـــالها بهذه الارواح الارضية أضـــعف من القوة الحاصـلة اليها بسـبب اتصـالها بتلك الارواح السماوية، أما أن الاتصال أسـهل فلأن المناسـبة بين نفوسـنا و بين هذه الارواح الارضية أسـهل، ولان المشـابهة والمشاكلة بينهما أتم وأشـد من المشاكلة بين نفوسـنا و بين الارواح السماوية.

وأما أن القوة بسـبب الاتصال بالارواح السماوية أقوى فلأن الارواح السماوية هي بالنســبة الى الارواح الارضية كالشمس بالنســبة الى الشعلة، و البحر بالنسبة الى القطرة، والسلطان بالنسبة الى الرعية.

قالوا: وهذه الاشياء وإن لم يقم على وجودها برهان قاهر فلا أقل من الاحتمال والامكان، ثم إن أصـحاب الصـنعة و أرباب التجربة شـاهدوا أن الاتصال بهذه الارواح الارضية يحصل بأعمال ســهلة قليلة من الرقى والـدخن والتجريد ، فهـذا النوع هو المسمى بـالعزائم و عمـل تسخير الجن.




النوع الرابع من السحر: التخيلات والاخذ بالعيون، وهذا الاخذ مبني على مقدمات إحداها: أن أغالط البصــر كثيرة، فان راكب السفينة إذا نظر الى الشــط رأى السفينة واقفة و الشــط متحرك. وذلك يدل على أن الساكن يرى متحركا و المتحرك يرى ساكنا، والقطرة النازلة ترى خطا مستقما، و الذبالة التي تدار بسرعة ترى دائرة.

ثم قال( إذا عرفت هذه المقدمات ســهل عند ذلك تصــور كيفية هذا النوع من الســحر، وذلك لان المشــعبذ الحاذق يظهر عمل شــيء يشغل أذهان الناظرين به ويأخذ عيونهم اليه حتى إذا استغرقهم الشغل بذلك الشيء والتحديق نحوه عمل شيئا آخر عمال بسـرعة شديدة، فيبقى ذلك العمل خفيا لتفاوت الشيئين، أحدهما: اشـتغالهم بالامر الاول، والثاني: سـرعة الاتيان بهذا العمل الثاني وحينئذ يظهر لهم شـيء آخر غير ما انتظروه فيتعجبون منه جدا).


النوع الخامس من السحر: الاعمال العجيبة التي تظهر من تركيب الآلات المركبة على النســـب الهندسية تارة وعلى ضـــروب الخيال أخرى، مثـل: فارسين يقتتلان فيقتل أحـدهمـا الاخر، وكفارس على فرس في يده بوق، كلما مضـت سـاعة من النهار ضـرب البوق من غير أن يمسه أحد ، ومنها الصـــور التي يصورها الروم والهند حتى لا يفرق الناظر بينها وبين الانسان، حتى يصورونها ضاحكة وباكية، حتى يفرق فيها ضحك الســرور وبين ضحك الخجل، وضحك الشــامت، فهذه الوجوه من لطيف أمور المخايل، وكان ســحر ســحرة فرعون من هذا الضرب، و من هذا الباب تركيب صندوق الساعات، ويندرج في هـذا البـاب علم جر الاثقال وهو أن يجر ثقيلا عظيما بالة خفيفة سـهلة، وهذا في الحقيقية لا ينبغي أن يعد من باب السـحر لان لها أســبابا معلومة نفيسة من اطلع عليها قدر عليها ، الا أن الاطلاع عليها لما كان عسيرا شديدا لا يصل اليه الا الفرد بعد الفرد ، لا جرم عد أهل الظاهر ذلك من باب السحر.


ثم قال »النوع السادس من السحر: الاستعانة بخواص الادوية مثل أن يجعل في طعامه بعض الادوية المبلدة المزيلة للعقل والدخن المسكرة نحو دماغ الحمار إذا تناوله الانسان تبلد عقله وقلت فطنته واعلم أنه لا سبيل الى انكار الخواص فان أثر المغناطيس مشــاهد الا أن الناس قد اكثروا فيه وخلطوا الصدق بالكذب والباطل بالحق.


النوع السابع من السحر: تعليق القلب وهو أن يدعي الســاحر أنه قد عرف الاسم الاعظم وأن الجن يطيعونة و ينقادون اليه له في اكثر الامور، فاذا اتفق أن كان السامع لذلك ضعيف العقل قليل التميز اعتقد أنه حق وتعلق قلبه بذلك و حصـل في نفسـه نوع من الرعب و المخافة، وإذا حصـل الخوف ضـعفت القوى الحسـاسـة فحينئذ يتمكن السـاحر من أن يفعل حينئذ ما يشاء وان من جرب الامور وعرف أحوال أهل العلم علم أن لتعلق القلب أثرا عظيما في تنفيذ الاعمال واخفاء الاسرار.


النوع الثامن من السحر: السـعي بالنميمة والتضريب من وجوه خفيفة لطيفة وذلك شــائع في الناس، فهذا جملة الكلام في أقســام الســحر وشـرح أنواعه واصـنافه والله أعلم انتهی کالم الرازي في تقسـیمات السحر.


من دراسـة تقسيمات الرازي للسـحر نعلم انه لا يمكن ان تكون كل هذه الاقسام محرمة وايضا لا يمكن ان تكون كلها من مصاديق السحر الحقيقي ويمكن اعتماد الرازي على المعنى اللغوي للســحر و هو كل ما لطف وخفي سببه، اوقعه بهذا الشيء ولذا ادخل بالسحر الاختراعات العجيبة والامور المتوقفة على خفة اليد والنميمة بين الناس من السـحر، وهذا مما لا يقبل بكونه من الســحر احد ولذا عد المجلســي للطلســم انه من اقسـام السـحر لا يدل على كونه سـحرا و هذا الدليل للشيخ الانصاري وتمسكة بقول المجلسي لا يقبل منه رحمه الله واعلى الله مقامه نعم الرازي بعد ان ســلم بها انها من الســحر قال لا يجب قتل من يعمل بها، حيث قال
( واما سـائر أنواع السحر عني الاتيان بضـروب الشـعبذة و الالات العجيبة المبنية على ضـروب الخيال، والمبنية على النسـب الهندسية .

وكذلك القول فيمن يوهم ضروبا من التخويف والتقريع حتى يصير من به السـوداء محكم الاعتقاد فيه ويتمشر بالتضريب والنميمة ويحتال في ايقاع الفرقة بعد الوصـلة، ويوهم أن ذلك بكتابة يكتبها من الاسم الاعظم فكل ذلك ليس بكفر، وكذلك القول في دفن الاشياء الوسـخة في دور النـاس، وكذا القول في ايهام أن الجن يفعلون ذلك، وكذا القول فيمن يدس الادوية المبلدة في الاطعمة فان شيء من ذلك لا يبلغ حد الكفر ولا يوجب القتل البتة، فهذا هو الكلام الكلي في الســــحر والله الكافي والواقي و لنرجع الى التفسیر) انتهی.


وهنـا كلام لابد من ذكرة وهو ان الرازي لم يصرح في كلامة ان دعوة الكواكب، والطلســمات والعزائم هي من اقســام الســحر کما هو معلوم من الكلام الذي نقلناه لك. نعم ذكر في القسـم الاول للسـحر، سـحر الكلدانيين والكسدانيين الذين كانوا في قديم الـدهر يعبدون الكواكب ، ويزعمون أنهـا هي المـدبرة لهـذا العالم، ومنها تصــدر الخيرات والشــرور، والســعادة والنحوســة و هذا يختلف عن الطلاسم کما مر عن فخر الرازي نفسه في المبحث السابق.






تعليقات