الباراسايكولوجي في فيزياء الكم
يرى معظم فلاسفة العلم أنَّ ميكانيكا الكم تنتهك - بشكل واضح - انطباعات فهمنا العام للعالم، ويستحيل تفسيرها بصورة واضحة - إلا بأساليب رياضية، ولكن؛ يمكن وصف بعض مضامينها عندما نصل إلى وصف كامل الجزيئات النظام وحركاتها في الميكانيكا الكلاسيكية نستطيع أن تحدد بالضبط - بناء على حالتها الأساسية.ساي صفر (0-Psi) ما سوف تكون عليه المرحلة الأخيرة.
ساي واحد (1 -Psi) ، فإذا سخنا السائل، نستطيع التنبؤ بأنه سيتغير إلى شرط الغليان الذي نعرف عنه كُلَّ عناصر ومقاييس الحالة كما هي موصوفة في الفيزياء والمختبرات العلمية.
أما في ميكانيكا الكم؛ فالأمر مختلف تماماً إنَّ الحالة الأساسية ساي صفر (0-Psi) تُنتج دائماً المجموع الكلي للحالات الممكنة
Psi - 1, Psi - 2, Psi - 3, Psi- N
وأن مجموع هذه الحالات يُدعى متجهة حالة ساي (Vector Psi state) ولا تعرض تلك الحالات علاقات سببية إنَّما هناك دلالات عملية بأن مجموع حالات ساي أعطت مكاناً لساي فردي ويتحدث علماء الفيزياء اليوم عن انهيار متجهة نظام ساي، وأنَّ عملية الملاحظة (القياس) هي التي تُسبب هذا الانهيار.
وهكذا؛ فإنَّ الإلكترونات والبروتونات والجسيمات الذرية الأخرى لا تسلك وفقاً للقوانين السببية الدقيقة التي تنطبق على العمليات الفيزيائية المألوفة، ويُمكن التنبؤ بسلوكها - بصورة منفردة - ضمن مدى محدود من الإمكانات فقط ولكنَّ التنبؤ بسلوك أعداد كبيرة من هذه الجسيمات يتم بطرق إخصائية ولذلك؛ تُثبت نظرية الكم أن نظام السبب والنتيجة هو - في الحقيقة - نظام إحصائي ينبثق من السلوك غير المتوقع ، بصورة منفردة، لعدد هائل من الذرات وتُبرهن - أيضاً - على أنَّ الدقة النهائية للقياسات الفيزيائية محددة، فقياس الحَدَث يؤثر على حالته الفيزيائية.
ويُشير ووكر (Walker) إلى أنَّ هناك ثلاث خواص تجعل نتائج ميكانيكا الكم منسجمة مع معطيات الباراسايكولوجي هي:
- أن أحداث ميكانيكا الكم لم تكن في موقع محدد، وهذا ينسجم مع النتائج الغريبة التي اكتشفت في تجارب ساي عندما كانت المسافات المكانية المختلفة مشابهة لتلك التي في ميكانيكا الكم.
- أنه ما دامت الصياغات الفيزيائية تُعامل الزمن كالمكان بالمقياس ذاته ، فالأحداث أيضاً تكون في زمن نسبي، وهذا ينسجم مع معطيات تجارب الاستشفاف والإدراك المسبق.
- إن تنبؤات ميكانيكا الكم إحصائية ، وهذا ينسجم - بدوره - مع حقيقـة كــون تنبؤات الباراسايكولوجي فعالة وفق معطيات متوسطة (أي مُعدل البيانات) وليس وفقاً لأحداث دقيقة وفضلاً عن ذلك ؛ فإنَّ ميكانيكا الكم لا تتعامل مع نقل الطاقة، بل مع أحداث مترابطة ومتفاعلة، وبالمثل ؛ فإنَّ معطيات الباراسايكولوجي تتعامل مع أحداث مترابطة، ولا تنقل طاقة بين الشخص والهدف.
إضافة إلى ذلك؛ فإنَّ نظرية الكم تُبقي الباب مفتوحاً لإمكانية احتواء ظواهر ساي؛ لأنَّها تنطوي على تناقضات لم يتم حلها إلى الآن.
يقول جيمس جينز:
إِنَّ ذريَّة الإشعاع تُحطّم مبدأ اتّساق الطبيعة، وأن ظواهر الطبيعة لم تعد محكومة بقانون سببي، أو على الأقل، إن كانت محكومة بقانون سببي ، فإنَّ الأسباب تقع وراء سلسلة الظواهر كما نعرفها فإنْ كُنَّا نتمسك برغبتنا في تصوير أحداث الطبيعة على أنَّها محكومة بقوانين سببية، فعلينا أن نفترض وجود طبقة سفلية تقع من وراء الظواهر، وعلى هذا؛ فهي بعيدة عن متناولنا ، وفي هذه الطبقة تتقرر الأحداث في عالم الطبيعة بكيفية ما.
ويقول فيليب فرانك أستاذ الفيزياء النظرية في جامعة براغ :
إِنَّ السُّؤال عما إذا كان قانون السببية لا يزال باقياً في الفيزياء الذريَّة بالقرن العشرين هو سؤال لا يُمكن الإجابة عنه ببساطة بكلمة نعم أو لا فهناك تغير تدريجي فالحتمية لنيوتن ولابلاس القائمة على تعريف الحالة التي يمكن فيها الإبقاء على الموضع والسرعة ضمن حدود ضيقة، يجب أن تحل محلها نظرية التنامية لبوهر؛ حيث ينطوي (اللايقين) أو تشتت الموضع على حدود مُعيَّنة للزخم.
وهذا الكلام ينسجم مع تفسير كوبنهاجن بزعامة بور وهايزنبرك، الذي يستبعد السبية والاتساق . لكن أينشتين لم يوافق على هذا التفسير، وأصر على أنه يجب أن يكون هناك وصف كامل للنظام الفيزيائي.
يقول اينشتين:
لا يُمكنني أن آخذ بالنظرية الإحصائية بصورة جديَّة ؛ لأنَّها تتعارض مع المهمة الأساسية للفيزياء؛ أي وصف الواقع في الزمان والمكان ... وإني مقتنع تمام الاقتناع بأننا سننتهي بنظرية تكون الروابط والعلاقات فيها حقائق لا احتمالات واقترح عام 1935، تجربة فكرية مستندة إلى رياضيات فيزياء الكم، سُميت بـ مفارقة EPR (آينشتين ، بودولسكي، روزين).
تفترض تلك التجربة أنه لو كانت هناك جزيئة من ذرتين مجموع برمهما صفر، وحللنا الجزيئة، وانطلقت كُلُّ ذرة باتجاه معاكس للأخرى في أقصى الكون، فإننا نستطيع ـ إذا قسنا إحداهما، وعرفنا أنَّ زخمها الراوي (البرم) هو1 على 2 سالب ان نستنتج بأنَّ زخم الثانية هو 1 على 2 موجب حتَّى لو كانت في أقصى الكون، من دون حاجة إلى قياسها وبتعبير آخر ؛ إِنَّ جُسيمين يشتركان في الشرط الذي يُعرف باسم حالة التأحد كان يكونا نصفين من جسيم أكبر يحتفظ أحدهما بعلاقة خاصة مع الآخر حتى بعد انفصالهما ومضيهما كُلِّ في طريقه الخاص.
فحين ينشطر الجسيم الأكبر الأصلي، ويقذف جسيميه المكونين في اتجاهين متعاكسين، فإنَّ موقعي هذين الجسيمين وسرعتيهما تبقى متعالقة، مع أن أحدهما يتجه إلى نيويورك، مثلاً، والآخر إلى باريس. ولذا ؛ فإنَّ معرفة موقع أحدهما تتيح لنا معرفة موقع الآخر، الأمر الذي يصح - أيضاً - على سرعتيمها أما تفسير كوبنهاجن ؛ فيذهب إلى أن قياس موقع أحدهما يجعل من المستحيل قياس سرعته أيضاً. وهذا هو التقييد الذي جاء به هايزنبرك. وذهب آينشتين وزملاؤه (EPR) إلى إمكانية قياس موقع أحد الجسيمين وسرعة الآخر، واعتماداً على هذا القياس وتعـالق موقعي الجسيمين وسرعتيهما نستطيع أن نصل إلى معرفة كاملة بهما.
لكن بـور لـم يوافق على تفسير EPR ؛ حيث يرى أنهم فصلوا فصلاً مصطنعاً قياس كلا الجسيمين ذلك أن إجراء قياس على واحد منهما لا بد أن يُزيل وضوح الإطار المرجعي للآخر على نحو فعال ومؤثر وما ينطوي عليه ردُّ بُور هو أنَّ استقلال الجسيمين لم يزدد بعد مغادرتهما حالة التوحد قياساً بما كان عليه قبل ذلك... ويلزم من ذلك أنه من غير الممكن مُعاملة الجسيمين كشيتين منفصلين، على الرغم من أنهما يشغلان موضعين مختلفين في المكان، وقد يكونان بعيدين كثيراً واحدهما عن الآخر.
وهذا في الحقيقة جانب نظري في الفيزياء ينسجم مع ظواهر الباراسايكولوجي، مثل، التخاطر والطرح الروحي والاستشفاف بالنسبة لظاهرة الطرح الروحي أو خبرة الخروج من الجسد يُجيز هذا التصور للفيزياء أن يكون الشخص في موضعين مختلفين في وقت واحد، بالرغم من أن جسمه الفيزيائي في مكان واحد مع شعوره بالترابط والتناظر بين الكيانين المنفصلين وفي ظاهرة الاستشفاف يُسمح للمجال النَّفْسي أن ينفصل إلى مجالين مُترابطين مهما بعدت المسافة بينهما.
ولذلك يمكن للمجال النفسي الذي يشغله الجسد الفيزيائي ودماغه أن يتلقى معلومات مباشرة عن الموضع الذي يشغله المجال النفسي المنفصل ويُمكن أن نفترض فَرَضيَّة أُخرى تذهب إلى أن المجال النفسي للشخص قد يتناظر مع مجال نفسي مشابه في البيئة لشخص آخر ( حي أو ميت) يرتبط به ارتباطاً مباشراً، فيحصل على معلومات تخص البيئة التي يشغلها ذلك المجال وهذا ما يُفسر التَّخاطر.
إنَّ ظاهرة التكهن الروحي (السايكومتري) (Psychometry) ، هي مظهر من مظاهر الاتصال بين مجالين منفصلين مكانياً، ولكنهما متصلان بالمعنى الكمومي ولذلك فإنَّ هذه الظاهرة التي تعني أن الموهوب يُمسك بأحد مُمتلكات شخص ما (مفقود أو ميت) فيُعطي تفصيلات دقيقة عن ذلك الشخص، لم تكن سوى اتصال بالمجال النفسي للشخص المفقود عن طريق التركيز الذهني (حالة متغيرة للوعي) وإنَّ الشيء الذي يُمسك به الموهوب ما هو إلا مناسبة لتفعيل التركيز الذهني تمهيداً للاتصال بالمجال النفسي، ولو أبدلنا ذلك الشيء بشيء آخر لا يعود للشخص المفقود لما كان لذلك أثر على قدرة الموهوب على إعطاء معلومات عن الشخص بشرط نجاحه في الاتصال بالمجال النَّفْسي لأنَّ الأمر لا يتعلق بالشيء المادي الذي يعود إلى ذلك الشخص، بقدر ما يتعلق بالشفافية التي تتمتع بها ذات الموهوب القادرة على الامتداد إلى مجالات نفسية بعيدة عنه.
الفيزيائي البريطاني جون بل
إنَّ الخاصية الكلية في ردبور على مفارقة EPR هي ما ركز عليه في عام 1965 ، الفيزيائي البريطاني جون بل، الذي أعاد صياغة أفكار بُور على نحو قابل للاختبار في المختبر فقد اقترح مجموعة من البراهين الرياضية، اشتهرت باسم تفاوتات بل، تُوضح أنَّ جُسيمين كانا مرَّةً في حالة تاحد يحتفظان بارتباط فيما بينهما، على الرغم من اختلاف موقعيهما لاحقاً وتوضيح بل هذا للترابط المتبادل على الرغم من المسافة يُوجه نقاش بور الأصلي وجهة الإلحاح على مكنون كلي يُطلق عليه اسم اللأموضعية، ومفاده أن لا حاجة بالجسيمين لأن يشتركا في الموضع نفسه من المكان، لكي يكونا مرتبطين فيما بينهما ارتباطاً صميمياً.
تعليقات
إرسال تعليق